الرقص على دماء الشهيد

صبيحة يوم الأحد وقبل إنتقاله الى قاعة البلدة للمشاركة في تشييع محمد أبو دياب، رفيقه منذ ثلاثين سنة كما قال، غصّ وئام وهاب أمام كاميرا ” أل بي سي” وبكى. ثم قطع المقابلة مع مراسلة المحطة وصعد بسيارته وتوجه الى مكان التشييع.

من كان يشاهده، حتى من خصومه حزن لفقدانه شخصا وصفه بأنه من أقرب الناس اليه ( هو من بنى بيتي ومن ربىّ أولادي وكان معنا دائما…الخ).

في المساء ظهر وهاب على شاشة تلفزيون “الجديد” وخلفه صورة كبيرة لأبي دياب. كان المشهد مختلفا تماما. فوهاب الذي بكى صباحا ثم قال إنه في فترة حداد تمنعه من ترك البلدة قبل مرور اسبوع ليتقبل التعازي، كان بشوشًا جدا في أكثر من لقطة من زمن البرنامج، وكانت ضحكاته تعلو ويقهقه، ثم عند سؤاله عمّا إذا كان سيمثل أمام القضاء يستدير نحو الصورة ويعود للتظاهر بالحزن.

أما في اليوم التالي فقد بدا وهاب مرتاحا اكثر ومتحررًا من الحزن، فظهر خلال استقبال الحلفاء والأصدقاء مزهوا ومنتشيًا. فالآن حضر من يعتمد عليهم في إخراجه من الورطة. وعند توديعه وفد حزب الله أمسك وهاب بأيدي أعضاء الوفد ورفع يديه مع أيديهم وضحكته يتردد صداها بين جدران القاعة التي حضنت قبل ساعات جثمان رفيقه، وكأنه يرقص فرحا بقدر هبط من السماء ليكون خشبة خلاص له من مأزق وجد نفسه فيه.

في الجبل مثل يقول: “الجمرة ما بتحرق الا مطرحها”. مشهد أحزن القريبين والأبعدين، عائلة مفجوعة تبكي فقيدها، ورجل يرقص بضحكته على دم الشهيد. رحم الله محمد ابو دياب الذي لو قدر له الله ان يرى من عليائه المشهد لبكى على رفقة الثلاثين سنة.

*سامر ابو المنى – “الأنباء”