المؤشرات الإقليمية بالتضييق على جنبلاط تتضح… والرد أكثر وضوحاً!

تجاوز الجبل محاولة لزرع الفتنة في ربوعه. وكأن هناك من انزعج من التقارب السائد بين مختلف القوى الداخلية على الرغم من الحماوة في الإقليم. وكأن بعض الاطراف يسعى إلى إذكاء الخلافات بين القوى السياسية لاسيما بعد الاجواء الإيجابية التي سادت العلاقة بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الجمهورية ميشال عون. منذ تنازل جنبلاط لصالح البلد والتفاهم مع عون بالتنسيق مع الرئيس سعد الحريري والرئيس نبيه بري والقوات اللبنانية وحزب الله، ثمة من أراد دق الإسفين.
محاولة التعكير بدأت منذ زمن. منذ الشروط التي فرضها النظام السوري وحاول من خلالها عزل جنبلاط بتضييق الخناق عليه حكومياً لإبعاده عن المشهد. وهذا ترافق مع استعار الازمة والتصعيد الذي اوصل الى ما وصلت اليه الأمور، وكان يستشف من خلال مواقف لمحسوبين على النظام بأنه سيعمل على الانتقام من جميع خصومه.
استمرت محاولات ايقاع الشرخ بين القوى الداخلية عن طريق عرقلة عملية تشكيل الحكومة. ويوم سمّى جنبلاط الأمور بأسمائها بوصفه سنة الثامن من آذار بأنهم سنة علي مملوك، اوحى ان النظام السوري هو الذي يقف وراء مطلبهم. فأراد النظام ان يبحث عن فرص ايقاع الشرخ بين الحريري من جهة وباقي المكونات من جهة أخرى. مع سعي مستمر الى جعل الازمة، سنية ـ شيعية تارة، وسنية ـ مارونية تارة اخرى، وسنية ـ سنية أطواراً.
لم تقف المحاولات عند هذا الحدّ. أراد النظام الرد على تسمية جنبلاط الأمور بأسمائها، في مشهد يعيد اللبنانيين بالذاكرة الى العام 2004 والتي هدد فيها بشار الأسد بتدمير لبنان والجبل على رأس رفيق الحريري ووليد جنبلاط. استعادة الهجوم من احد المحسوبين على النظام السوري ضد الحريري الأب والابن، كشف أصل النية، التي أراد مسرّب الفيديو المسيء إلى رموز وطنية كسب تعاطف وشحذ همم وشد عصب للمناصرين. واستخدم الردود عليه، بتحركات استفزازية في الجبل لا يمكن ان تخرج عن سياق رغبة النظام بالانتقام من حالة التعايش والتفاهم في الجبل وفي السياسة.
لم يجد هؤلاء امامهم سوى استكمال سلسلة الشتم واللعب على اوتار الغرائز والعصبيات الا بمحاولة استفزاز المختارة بتسيير مواكب سيارة مسلحة في قرى الشوف، وكأن هناك من يقول لجنبلاط بأن تهديد العام 2004 لا يزال قائماً. وفيما جاء الرد سريعاً من الاشتراكي والجيش ومختلف القوى السياسية. ثمة من تلقى صفعة من الالتفاف الوطني حول المصالحة والاستقرار. وفيما كانت القوى الأمنية تقوم بمهامها بموجب توجيهات القضاء، عادت القوى الشاذة نفسها الى محاولة الاستثمار في تسعير الخطاب الخارج على القانون، وعملت على توتير الجبل. ولأن مصلحة هؤلاء تقتضي خلق التوتير والعيش على الازمات والارتواء من الدماء، كان لا بد من البحث عن الحكمة والعقل الذي جاد به شيخ العقل نعيم حسن، ورص الصفوف خلف الدولة والقضاء والقانون بانتظار ما يقررانه. فيما يبقى الأهم هدوء الجبل ووحدته، والتصدي لأي محاولات طفيلية لتعكير صفو أهله.
ربيع سرجون – “الأنباء”