الحكومة معلقة والبلد يترنّح… فمن يكون “أم الصبي”؟

يترنّح البلد بين من يكون أم الصبي، ومن يلعب دور سليمان الحكيم. الحكومة معلّقة على من يتقدّم خطوة نحو التنازل. الرئيس سعد الحريري رفع السقف عالياً جداً، وبالتالي إمكانية تنازله لا تزال صعبة ما لم تحصل تطورات كبيرة، وتنضج ظروف تخدمه في تراجعه عن رفض توزير سنّة الثامن من آذار من حصته. أما رئيس الجمهورية ميشال عون، فيكاد يكون الأقرب وأكثر المعنيين بالتراجع وتوزير وزير سنّي ملك من حصته لحلّ المشكلة الحكومية وإطلاق عهده الذي لا يزال يعاني من التعطيل.

أمام هذا المشهد، صورتان. الحريري الذي يبادر سريعاً إلى التنازل على قاعدة دوره المعتاد كأم الصبي، والذي يقدّم تنازلات لصالح البلد والاستقرار والاقتصاد. وعون الذي وإن لم يتخذ موقفاً عالي السقف إلى مستوى الحريري، لكنه معروف بتصلّبه وعدم تراجعه. اللعبة الآن، تشبه عض الأصابع، ومن الذي سيتنازل قبل الآخر. عون يتمسك بالثلث المعطل، الحريري كان قد سلّفه ذلك قبل بروز العقدة السنية، معتبراً أنه إذا ما منح عون 11 وزيراً، فسيقف إلى جانبه معارضاً لتوزير سنة 8 آذار. لكن رئيس الجمهورية حصّل الوزراء الأحد عشر، وترك الحريري وحيداً.

وبينما تراجع الوزير جبران باسيل، عن تحرّكه المكوكي، لا تزال مصادر قريبة من التيار الوطني الحرّ تشير إلى انه لم يوقف مساعيه، وإن خفت وهجها، وهو يراهن على إمكانية تحقيق ثغرة في جدار الأزمة، على قاعدة إيجاد وزير تسوية يكون من حصة رئيس الجمهورية، ويوافق عليه “حزب الله”، ولا يمانعه الحريري، وبذلك يكون قد جرى تجاوز العقدة. بينما مؤشرات أخرى تفيد بأن المسألة لا تزال طويلة في ضوء المعطيات المتوافرة حالياً، على الرغم من ترك احتمال حصول تطور مفاجئ قد يفضي إلى تنفيس احتقان الأزمة بإنجاز التشكيلة الحكومية بشكل مفاجئ.

لكن أي حلّ لن يكون قابلاً للتحقق، قبل حصول لقاء بين الحريري والنواب الستة، بحسب ما تشير مصادر متابعة، خاصة أن “حزب الله” قد رفع سقف كلامه تجاه الحريري بضرورة التعاطي مع هؤلاء النواب باحترام والاجتماع بهم، الأمر الذي يتجاهله الحريري، إذ يفضّل عدم لقائهم ككتلة. وهذا يدلّ إلى رمزية الإشكالية التي وصلت إليها الأمور، وهي تصوير الخلاف وكأنه سنّي سنّي، لا سيما بعد تراجع باسيل عن مسألة المقايضة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وزير سني بآخر مسيحي، والغاية من ذلك التأكيد على أهمية تركيز “حزب الله” على خلق ثنائية سنية، وعدم ترك الحريري زعيماً أوحد، هذا بمعزل عن الصيغة التي قد يرسو عليها الحلّ الحكومي.
ربيع سرجون – “الأنباء”