المفاوضات الحكومية تدخل في اللامنطق… والبهلوانيات اللبنانية

ثمة شيء من اللامنطق يحكم بعض المفاوضات الجارية في عملية تشكيل الحكومة. طرح جديد برز دفع ببعض المتابعين إلى حدّ الإستغراب وإبداء الأسف لما وصلت إليه طريقة المفاوضات، وفق القاعدة المذهبية والطائفية. يقوم الطرح على فكرة تراجع رئيس الجمهورية عن التنازل عن مبدأ المقايضة مع رئيس الحكومة المكلف، وزيراً سنياً بوزير مسيحي، وذلك بهدف تنازل رئيس الحكومة من وزرائه الخمسة عن واحد لصالح نواب سنة 8 آذار، فيما لا يكون رئيس الجمهورية قد كسر كلمته وتراجع عن موقفه.

هذا الطرح دفع البعض إلى اعتبار ما يجري، أنه جزء من بعض البهلوانيات التي وصل إليها واقع الحال السياسي في البلد، لجهة الخروج عن الأعراف والتقاليد، التي كانت مكرّسة في لبنان، لجهة إبراز التنوّع وعدم حصر أي رئيس في طائفته أو مذهبه. ولكن بمعزل عن هذا الرأي، فإن بعض الجدية تغلّف هذا الطرح، خاصة بعد أن صرّح بذلك الوزير جبران باسيل بعد لقائه نواب سنة 8 آذار، فاعتبر أن رئيس الجمهورية سيتراجع عن المقايضة مع الرئيس المكلف، وبالتالي يتوجب على الحريري التنازل من حصته لصالح نواب 8 آذار.

وأقرن باسيل موقفه بالإشارة إلى وجوب عقد لقاء بين النواب الستة والحريري لأجل الوصول إلى تفاهم معين، لأن رئيس الجمهورية ليس طرفاً في هذه المشكلة. ولكن خاتمة هذا الطرح، لا يمكن أن تقف عند هذا الحد، بل تنازل الحريري عن وزير من حصته الوزارية السنية الكاملة، توجب على النواب الستة التنازل عن تسمية واحد من بينهم للتوزير، بحيث لا يكون الحريري قد ظهر بموقف المنكسر أو المتراجع عن قراره بعدم توزيرهم، وبالتالي يختار النواب الستة إسماً من خارجهم، أو يسلمّون لائحة بعدد من الأسماء لرئيس الجمهورية، لاختيار واحد منها.

ولكن هناك من يعتبر أن هذا الطرح لن يكون قابلاً للحياة، إذ أن رئيس الجمهورية سيكون قد حافظ على حصته كاملة، بينما الحريري سيكون قد اضطر إلى التنازل عن حصّته. وبمعزل عن الدخول في تكهنات من هذا النوع، فإن الأساس يبقى معلّقاً بانتظار اللقاء بين الحريري والنواب الستة وما إذا كان سيعقد، لمعرفة كيف ستتجه الأمور، وإذا ما كان الحكومة قريبة الولادة، أم لا تزال بعيدة.
ربيع سرجون – الانباء