“Young 3arous” أحدثت زوبعة واختفت… لكن الآتي أعظم!

ضجّت مواقع التواصل الإجتماعي في اليومين الأخيريْن بصورة تغريدة نشرت عبر موقع تويتر من قبل حساب يدعى “young 3arous”، وتضمّنت صوراً لقاصرات أرفقت بالعبارة التالية: بدك عروس زغيرة؟ طلبك أكيد عنّا. وقد نشر الحساب رقم هاتف خليوي للإستفسار كما هو واضح في الصورة أدناه.

هذه التغريدة أشعلت غضب مجموعة من الحقوقيين والنسويّين باعتبارها تشرّع جريمة الإتجار بالبشر وتعبّر بشكل صارخ عن جريمة تزويج القاصرات، وتتعداها إلى تسليعٍ فاضح للمرأة والتعامل مع زواجها بمعايير مادية وتجارية لا تمتّ للقيم الإنسانية بصلة. وهي في الواقع أتت لتختصر كل تلك الجرائم وأكثر، خصوصاً أن المعلومات أظهرت أنها إعلان لبرنامج تلفزيوني جديد مرتقب!

حملة الرفض التي قوبلت بها هذه التغريدة والتبليغ الكثيف عنها لإدارة موقع تويتر، بالإضافة إلى شكاوى تلقّتها قوى الأمن الداخلي بكافة مكاتبها المعنية بهذه القضايا، أدّت بالفعل إلى إقفال الحساب المذكور وحذف التغريدة، أما رقم الهاتف المذكور فظل مقفلاً. وهذا الإجراء إن كان كفيلاً بحجب الخطأ، إلا أنه لا ينفع بالطبع لمحو الخطيئة المستمرة والمتمادية بحق الطفل والقاصرات والقاصرين، وبحق المرأة في لبنان.

عينٌ على حقوق الإنسان، والإنتهاكات المستمرة بحقّها في هذا البلد الغريب العجيب، والذي باتت فيه أي غاية تبرر كل الوسائل وتلغي كل القيم الإنسانية والمعايير الحقوقية. وعينٌ على بعض الإعلام اللبناني، وسوقيّته المبرّرة لكل التجاوزات اللاأخلاقية واللاإنسانية تجاه الإنسان بشكل عام، والمرأة والطفل بصورة خاصة.

مستشار وزير الدولة لحقوق الإنسان المحامي فاروق المغربي كان قد عبّر عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضه للتغريدة. وفي تصريح لـ “الأنباء”، أكّد أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام لصور القاصرين مناهضٌ لاتفاقية حقوق الطفل التي وقّع عليها لبنان ويقدّم تقاريره الدورية بخصوصها”، موضحاً أن “هذا الإعلان تنطبق عليه صورة الإتجار بالبشر، وإن كانت معلومات قوى الأمن الداخلي ومكتبيْ حقوق الإنسان وحماية الآداب والإتجار بالبشر فيها تحديداً قد أكّدت لدى الإتصال بها أن هذا المنشور هو عبارة عن إعلان لبرنامج تلفزيوني جديد”، كما قال المغربي.

وللكلام عن الإعلام ههنا تتمّة. فكم من البرامج الإعلامية الرائجة لا تحترم حقوق الطفل، خصوصاً من بينها تلك البرامج التي تستضيف أطفالاً ضحايا اغتصاب او اتجار بالبشر او غيرها من القضايا وتعرضهم امام ملايين المشاهدين دون تغطية الوجه او تعديل الصوت وبنشر كامل هويّتهم/ن، ما يمثل انتهاكاً فاضحاً لحقوق الطفل في لبنان! وكم من قيّمين على البرامج لا يعنيهم سوى “الرايتينغ” والسكوب، وإن أتى على حساب المقدّسات وفي مقدّمها الحقوق، ثم الحقوق، ثم الحقوق!

هذا الإعلان أحدث زوبعةً عبر مواقع التواصل وحُذف، أما البرامج التلفزيونية فترتكَب الجريمة عبرها يومياً، ولا من يتحرّك أو يعترض. ناقوس خطرٍ لثقافة حقوقية معدومة، وقيم إنسانية مطموسة ومغيبة، وسياسات إعلامية مجرمة بحق الإنسان والمشاهدين، ودائماً بحجة “الجمهور عايز كده”!

غنوة غازي – الأنبـاء