“وادي أبو سمعان” إشراقة بيئيّة تستنهض الهمم!

 هيثم عربيد

تستقطبني الشّمسُ المتناثرةُ بين دندناتِ الظلِّ، وهي تنثرُ عيونَ الحبِّ المنتعش بوريقات وأوراق التناغم التي تتكلّم بحفيفها مع النّسائم، وخلفَ هذه الألوان والأشجار التي تتغازل ببعضها البعض كأيقونةٍ تهدينا أوسمة الإبداع التكوينيّ، ونحن نرى ونتحسّس وندرك، ما هو المرتجى من وجودنا على كوكب الحياة!؟، أي باستقصاء ومناداة الحقيقة المتكوكبة بصدى الإنسان وتميّزه عن سائر المعزوفة الحيّة!!…

الإنسان هو الكائن الطبيعيّ المتجذّر بمداها المتنوّع، والمنغمس بكلّ ذرةٍ تفترش الحياة والجماد ضمن الكلّ الإيكولوجيّ المغمور بسيرورة التّطوّر والتجدّد!!.. نعم، إنّه الأمل الحياتيّ المنجذب لأنسجة النورِ، والمنعتق من الإنقباض والإنقضاض، حين يأخذ التحليق في جمالاتِ التحرّر المكانيّ، وفوق استراحة الوعد الزمنيّ!..، وعند صدى انبعاث فرح هالة العقل، التي أتت لتحيط وتهتدي لهذهِ الشّموس المشّهديّة،  الّتي لطالما احتوتنا كما نحتويها، ضمن تمتمة الجمال الأخضر والأصفر، وهما يتقاسمان الكم المميّز من ألوان الإستراحة المهداة من الحبيب الباهر بكماله!!…

أمّا العيون، فقد تمادت ببريقها وهي تتغنّى وتتسامى بالذوق والإحساس..، تراها، تُنَصِّبُ نفسها في مواقع الإنصهار بأيقونات الإستباحة للرؤى التي تتكلّم بلغةٍ واحدةٍ..، وهي لغة الصدى الذي تلحّف الحركة المغمورة بالبسمة تلوَ البسمة، ضمن وسامة المشهد وانبهاره المشوّق!.. بعد كلّ هذا، نتساءل بغمر أرواحنا وذواتنا عن هذا السرّ المتداخل بيننا وبين هويّتنا الحقيقيّة، ألا وهي، الهويّة الطّبيعيّة الغارقة بالإشراق، والمتمّمة للأنفاسِ الحياتيَّةِ، ونحن نعطّرُ أعينَنا بآمتشاق التّحديق العميق والعابر بين الأغصان وهمساتها، كي نضيء مرآيا العيون بأريج الثرى وغرسه المتفتّح والمتكلّم بأقلامه الخضراء، وما زال يرسم رقّة هدايا الخالق لأجل خلقه، أي هدايا الحبّ للأرض وخلفها السماء!!…

هنا مدينة الشويفات، الّتي اكتسحتها الخرسانة الإسمنتيّة وجمادها المؤلم، وقد طاردتها معامل الطاقة الإنتاجيّة والمؤسّساتيّة المختلفة، لتتشارك مع الوطن بمرتقى المدائن..، لكنَّ، عيون البيئة استفاقت بروّادها، لتحتضنَ أكتاف المدينة الخضراء، وهم يعشقون حكايات وممرات وادي أبو سمعان الجميل والمتأصّل بالنفوس، والمترابط مع القرى المجاورة!!.. وهذا ما حرّك الحنين للأرض وروابطها المتغلغلة بأبناء الشويفات، وجعل القرار التنفيذيّ يتخطّى مفهوم الإستسلام، وينبضُ بالعودة للأصالة والتّاريخ المسكون بالسّلام الأخضر، حتّى ارتقى إلى ماهيّة تحويل كلّ ما تبقّى من بقاع الجمال، إلى مسكونةٍ إنسانيَّةٍ رياضيَّةٍ طبيعيّةٍ تهدينا السرور، وإلى نبضٍ حيويٍّ، يحاكي الإنسان بالهدوء والسكون وصدى المحميّات المنتصرة للطبيعة والإنسان!!!. كنّا وما زلنا، نستبشر بها خيراً داخل المدينة، بعدما تسلّل الجماد، وحطّم الحقائق الباسمة للحياة!…

لقد حوّل رئيس بلديّة مدينة الشويفات زياد حيدر والمجلس البلديّ مجاري المياه الشتويَّة في وادي أبو سمعان ومحيطها، إلى محميّةٍ طبيعيَّةٍ، وخطّها بالجهد والعمل، عبر وصلها بالجسور الخشبيّة عند ممرات السواقي، وتأمين المقاعد الخشبيّة للزائرين والرّياضيين، وإطلاق بعض أنواع الطيور كالحجل وغيرها إلى الحريّة، وبعض أنواع الحيوانات كالأرانب، والبقيّة تأتي نحو المزيد المزيد..، وعلى المستوى الرياضيّ لعشّاق الوادي، تمّ تركيب آلات رياضيّة متنوّعة، لتكملَ صدى الأجساد الناشطة في النّبض الحيويّ الإنسانيّ، المتفاعل بفضل سلامة الأيقونات الطبيعية.

إضافةً إلى كلّ ما تقدّم، لقد أضحى للمحميَّة عمّالٌ ومسؤولون في مضمار التّشجير، ومتابعة داخلها ومحيطها بالحماية والدراية من كلّ الأضرار الّتي يمكن أن تتعرّض لها. بعد هذا الضياء المتعالي بالوعي، قامت بلديّة مدينة الشويفات بتشجير آلاف الأشجار المثمرة والدائمة الخضرة، وغيرها، كي تستقطب المحميّة كلّ أنواعِ الطّيور في مناداة ومجاراة النبض الإيكولوجيّ بالمسؤوليّة والأهداف البيئيّة المرجوّة!!!…

أمّا وقد استنجدت البيئة بصدى العقول المسؤولة، نناشدُ كلّ البلديات المجاورة لمحمية وادي أبو سمعان، بتحويل ما تبقى من مساحاتٍ خضراءَ، إلى مناطقٍ زراعيّةٍ نتغزّلُ بخيراتها وبريقها الأخضر المنعش للإنسان وسكونه، عبرَ دعم الفلّاح وتأطيره وتجذيره بأرضه، كي نرتقيَ ببيئتنا وطبيعتنا وسلامنا الأخضر إلى مصافي الحياة المتحرّرة من غزو الخرسانة، بعدما أضحت بواقعنا تترادفُ مع الموتِ في حقيقتها الفعليّة، إن أردْنا الحقيقةَ كلّ الحقيقة، أي عندما تتخطّى التوازن البيئيّ الطبيعيّ المأمول والمرتجى على كوكبنا المتخبّط بالإخفاق البيئيّ المحليّ والعالميّ!!…

ختاماً، نؤكّد الإنتصار للبداية الدائمة، وللإستمرار في المنحى البيئيّ الثقافيّ الإنسانيّ، كي نستصرخَ الضمائر الممهورة بالوعي، والمقرّرة والمُدرِكة في كلّ حنايا الوطن، كي تحذو حذو رئيس بلدية مدينة الشويفات الأستاذ زياد حيدر، وتعمل لتحويل الأماكن الطبيعيّة ضمن مدار التّصنيفات المطلوبة، لإحياء صمت البيئة الصارخة والمسترسلة في تدوينِ كينونة الجمالِ الأخضرِ كلّ الجمال!!!…

(الأنباء)