من تصريف أعمال إلى رئاسة تصريف أعمال في بعبدا… ماذا قال مروان حمادة لـ”النهار”؟

محمد نمر (النهار)

عادت أزمة الحكومة إلى المربع الأول، يواكبها تصعيد سياسي لا يؤشر لانفراجات قريبة. ومنذ أن تولى الوزير مروان حماده حقيبة التربية في الحكومة الأولى للعهد وهو يشعر بـ”الانزلاق التدريجي” في قمة السلطة نحو “الاحتكار” وتعطيل عمل الوزارات التي “لا تنصاع لرغبات رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر”، وشمل ذلك: التربية، الصحة، والشؤون الاجتماعية، بمحاصرة كل المبادرات والمشاريع.

ومع انطلاق الحكومة الأولى، تبين لوزراء الاشتراكي و”القوات” ومستقلين أن “الحكم يحاول فرض نظام رئاسي بالنسبة إلى الفئات والأحزاب الأخرى، وأحادي للتيارات المسيحية المختلفة”، وفق ما يقول حماده لـ”النهار”. ويعتبر أن “بذور الأزمة الحكومية ليس في عقد مسيحية ودرزية وسنية، بل في عقدة التسلط ومحاولة مستمرة لإعادة عقارب الساعة إلى عامي 1989 و1990 ورغبة دفينة في إلغاء اتفاق الطائف. وباتت الحكومة الحالية بمثابة الجسم اللقيط الذي لم ينصع للاملاءات المتعلقة بالصفقات في الطاقة وغيرها”. ورغم التشنج تمسك الاشتراكي بتسوية 2016 “على رغم عدم اقتناعنا بها حرصاً على المصالحة الوطنية في الجبل ولبنان وعلى التسوية الأم من خلال الدستور ووثيقة الوفاق الوطني”.

قبل الانتخابات وبعدها، لاحظ حماده أن الفريق الآخر “لم يوفر أحدا من شره، لا رئيس مجلس النواب الحريص على التوافق وتدوير الزوايا ولا رئيس الوزراء، واعتبروا ان موقفهم من ازمة تشرين الثاني 2017، حوّل الحريري رهينة دائمة لهم”. وكرت السبحة و”طالت العقلية الفاشية حلفاء التسوية الرئاسية الواحد تلو الآخر، والمسيحي قبل المسلم، فيما حاول الاستاذ وليد جنبلاط صون مصالحة الجبل بلائحة تحمل اسم هذا الحدث التاريخي وتضم الجميع، لكن تبين لنا أن توغلاً جديداً يستهدف وحدة الجبل ومصالحته من خلال عزل وليد وتيمور جنبلاط والاشتراكي وحلفائه وتقليص عدد نواب كتلهم وبث السموم في المناخ الجبلي الموحد. وجاء زمن الحصاد وصمدت مصالحة الجبل بفضل الاشتراكي والقوات والمستقبل، وبقيت الطائفة الدرزية عصية على وضع اليد الباسيلية عليها وعلى أجزاء منها”.

حجم الأزمة دفع حماده إلى اعتبار أن “ما يجري اليوم لم يحوّل الحكومة فحسب إلى حكومة تصريف أعمال، بل بات يحول العهد إلى رئاسة تصريف أعمال، فليتوقف الداعون عبر فتاوى سخيفة عن تعديل الأصول الدستورية المكتوبة بالحرف، فالدفاع الحقيقي عن رئاسة الجمهورية يكون عن دورها كحكم وراع للدستور وليس كمتسلط على العباد والأرزاق”. ولا يزال الاشتراكي يصرّ على حكومة وحدة وطنية تستند إلى نتائج فعلية للانتخابات “وليس الى قراءة العهد لها”، معتبرا أن “قاعدة لا غالب ولا مغلوب التي طبقتها 14 آذار بعد انتخابات 2009 لا تزال تشكل قاعدة التوافق الوطني”.

ويشدد على أن “لا رجوع عن اتفاق الطائف ولا اعادة لفتح السجال الدستوري الذي حسمته وثيقة الوفاق الوطني وأسندت السلطة الاجرائية الى مجلس الوزراء حصراً وحددت قواعد تشكيل الحكومة والصلاحيات التشريعية بما فيها مدة رئاسة المجلس النيابي، ودعت إلى اطلاق عملية الغاء الطائفية عبر مناصفة في الوزراء والمجلس ووظائف الفئة الأولى المدنية والعسكرية دون الفئات الاخرى، وكذلك عبر تشكيل لجنة عليا لالغاء الطائفية وانتخاب مجلس شيوخ بعد قيام أول مجلس نيابي منتخب خارج القيد الطائفي”.

إن تأخير التشكيل بالنسبة إلى حمادة “يفسح المجال لتسلل العوامل الخارجية إلى عملية التشكيل وجعل الحكومة معلّقة على حبال النزاع الاقليمي والتنافس الدولي بينما الوضع الاقتصادي في أسوأ حالاته والتهديدات الاسرائيلية على اشدها ومحاولات اخراج لبنان عن سياسة النأي بالنفس وجره إلى المحاور تحت شعار هذا انتصر وذاك انهزم، لا تتوقف، وكلها وصفات للهلاك الوطني”.

وعن بيان كتلة “الوفاء للمقاومة”، يقول حماده إن “تموضع لبنان الاستراتيجي لا يتغير بانتصار في بعض المناطق السورية ولا تهديدات أو عقوبات. وخلال سنوات الاستقلال اللبناني كلما حاول حكومة أو عهد أو رئيس أو حزب أو طائفة إخراج لبنان من التوافق الداخلي أو الانتماء العربي والوسطية الدولية وقعنا في شرك الاجتياحات والاحتلالات والوصايات والحروب الداخلية، والأمثلة كثيرة. فليتعظ أصحاب المنابر”.

ويرى أن “التطبيع المطلوب من البعض ليس مع سوريا لأنها ليست ملك بشار الأسد. كما أن الشعب السوري لن ينسى أمرين: الجرائم التي ارتكبت في حقه والاحاطة اللبنانية بشؤون النازحين منهم، وبالتالي مستقبل العلاقة ستحدده هذه الوقائع وليس الغزوات والبراميل المتفجرة أو عنصرية قلة من حولنا. أما معبر نصيب الذي يُتاجر به فلم يفتح بعد، ولا الأوضاع في سوريا عادت إلى طبيعتها، دون أن ننسى السجون والاعدامات التي تنتظر النازحين إن عادوا من دون ضمانات وقبل الحل السياسي”، مسجلاً في هذه المعمعة، “حفاظ الحريري على توازنه ورباطة جأشه، فقد بقي حريصاً على اللياقات والدستور والأعراف”.