جهود شقير تثمر ولادة الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان: بارقة أمل بمستقبل أفضل!

في جلسته الاخيرة في 21 أيار قبل دخوله مرحلة تصريف الاعمال، أقرّ مجلس الوزراء مرسوم تسمية أعضاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب، بعد جهود متواصلة لوزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان أيمن شقير، الذي ضغط للإسراع في تحضير الملف ورفعه لمجلس الوزراء، وتابع بشكل حثيث مع الهيئات والمنظمات الدولية والإتحاد الأوروبي للدفع مع رئيس الحكومة باتجاه وضع هذا الملف على جدول مجلس الوزراء كأولوية وإقراره.

وكان المجلس النيابي اللبناني قد صادق منذ 19 تشرين الاول 2016 على قانون انشاء “الهيئة الوطنية لحقوق الانسان”، والتي تضم لجنة للتحقيق في استخدام التعذيب وسوء المعاملة، والتي صدر قانون تشكيلها منذ أواخر العام 2016 سنداً لمبادئ باريس التي رعت تشكيل الهيئات الوطنية لحقوق الإنسان في كل الدول، غير أن هذا القانون بقي حبراً على ورق إلى أن وُضع على نار حامية مع وزارة الدولة لشؤون حقوق الإنسان، التي طبّق فيها الوزير شقير مبادئ الحزب التقدمي الإشتراكي بإعتبار الإنسان هو الجوهر والقضية الأولى والأهم، وباعتبار حقوق الإنسان أولوية الأولويات في مبادئ الحزب وسياسته ونهجه النضالي.

في تصريح لـ “الأنباء”، شرح مستشار الوزير أيمن شقير المحامي فاروق المغربي هيكلية الهيئة ودورها وأهميّتها، فأشار إلى أن “الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان تضمّ عشرة أعضاء يتوزعون بالتساوي بينها وبين لجنة الوقاية من التعذيب، على أن تتوزع اختصاصاتهم على الشكل التالي: قاضي، ثلاثة ناشطين من المجتمع المدني في مجال حقوق الإنسان، محامييْن اثنيْن، أستاذ جامعي، طبيبيْن نفسي وشرعي، ومراسل صحفي.

وأضاف أن “مهام الهيئة تنقسم لقسميْن: مهمّة الهيئة الوطنية تكمن في مراقبة واقع حقوق الإنسان في البلد، رفع التقارير للهيئات الدولية المعنية، تقديم مقترحات لتحسين واقع حقوق الإنسان، ورفع التقارير والتواصل مع السلطة لتعديل القوانين او سن قوانين جديدة، ولها دور في مجال تطوير المناهج التعليمية والتواصل مع الهيئات الرسمية لإدراج المواد المتعلقة بحقوق الإنسان ضمن المنهج التعليمي. ولهذه الهيئة صلاحية رفع دعوى قضائية باسم الحق العام بصفة الإدعاء الشخصي، ويفترض أن تكون مستقلّة عن الدولة ورقيبة عليها، وهي أقرب إلى المجتمع المدني منها للدولة أو السلطة.

ثانياً: مهمة وصلاحيات لجنة الوقاية من التعذيب تشمل زيارة السجون دون إذن مسبق، إعداد التقارير حول وضع السجون، مقابلة أفراد وجماعات داخل السجون، طلب المعلومات الرسمية من الحكومة والوزارات والدوائر الرسمية حول السجناء والأحكام وإصدار التوصيات.
من يضمن شفافية الهيئة؟

“هذه الهيئة تأسست لتضمن شفافية الدولة اللبنانية في مجال حقوق الإنسان، وهي خاضعة لرقابة هيئات المعاهدات في الأمم المتّحدة، تحت طائلة رفع التصنيف عنها وبالتالي إبطال فعالية دورها”، أجاب المغربي.

أعضاء الهيئة
وقد جاءت التعيينات على الشكل التالي: القاضي خليل ابو رجيلي عن فئة القضاة السابقين. بسام القنطار، فضل ضاهر، وفادي جرجس عن فئة نشطاء حقوق الإنسان. المحامية رنا الجمل والمحامي ريمون مدلج عن فئة نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس. الدكتور بلال صبلوح والدكتورة جوزيان ماضي سكاف عن فئة نقابتي الأطباء في بيروت وطرابلس. علي يوسف عن فئة نقابتي الصحافة والمحررين. الدكتورة رضى عازار عن فئة اساتذة الجامعة اللبنانية.

شكّل انشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان امتثالاً متأخراً للبنان لمندرجات “البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب”، الذي تمت المصادقة عليه في 22 كانون الأول 2008، والذي ينص على إنشاء آلية وطنية مستقلة لمنع التعذيب، تتضمن زيارات منتظمة لمراكز الاعتقال في البلاد لمعاينة معاملة المحتجزين.

لكن أن يأتي تشكيل الهيئة متأخراً خير من ألا يأتي. وعليه فيفترض بالهيئة أن تباشر برصد الوضع الحقوقي عبر مراجعة القوانين والمراسيم والقرارات الإدارية، كما ستحقق في شكاوى انتهاكات حقوق الإنسان وتصدر تقارير دورية بنتائجها، ناهيك عن دورها الحاسم من أجل تعزيز ورصد القوانين والمعايير المعنية بحقوق الإنسان على المستوى الوطني، وصلاحياتها المطلقة في رصد انتهاكات حقوق الإنسان في أماكن احتجاز الموقوفين والسجناء.

ختاماً، يفترض بأعضاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان ان يحوّلوا إعلانات الأمم المتحدة “المتقنة” والتي تبقى غالباً حبراً على ورق إلى أمر واقع في حياة الأشخاص، وان يشكلوا الجسر لكل قرار يتخذه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بل لكل عملية رصد أو توصية تقوم بها أي هيئة من هيئات المعاهدات. وان يحاولوا تطبيق ذلك على كل شكوى يتقدم بها فرد من الأفراد.

من هنا، فإن وضع الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب على سكّة العمل يفترض أن يبشّر بحقبة جديدة من مراعاة واحترام حقوق الإنسان في لبنان، اللهمّ إن لم تتطاول السياسة وفوضى المعايير على أداء أعضائها، فتصبح عندئذ في مصاف غيرها من المؤسسات الرقابية المعطَّلة في البلد، مع فارق لا بد من أخذه في الحسبان، ألا وهو المجهر الدولي الذي يوضع لبنان تحته يوماً بعد يوم، والذي تشكل هذه الهيئة خطوة متقّدمة باتجاهه!

غنوة غازي – “الأنباء”