من الذاكرة… 

جهاد خضير

أنباء الشباب

اعذرني معلمي… اعذروني رفاقي…

تعودت منذ صغري على زيارة ضريحك في المختارة ثم ديردوريت مرارا وفي كل مناسبة وذكرى… ازورها كما المؤمن يزور دور العبادة… تارة للصلاة والعزلة، واخرى للشكوى والبكاء والتضرع في الشدائد… كانت المناسبة لي مجرد مسيرة، وجمعة مع الرفاق،ونشاط شبابي…كانت فرحتي في الاغاني الثورية وشعور العروبة يزيد دقات قلبي كلما اتى الموعد…

اليوم وبعد مرور السنين، وبعد ان فهمت السياسة اكثر، بعدما فهمت الحياة بشكل اوضح، وادركت غاية وجودي ووجودنا بشكل اكبر.. تغير شعوري… تغير اليوم احساسي، ممكن من الجميع ان يعتبوا عليي، او يعتبوا على انفسهم الان اذا شاركوني رأيي ولم يتكلموا ويفصحوا عن مكنوناتهم كما افعل الآن…

اعذرني معلمي…لم استطع اليوم وقف دموعي امام رهبة ضريحك.. لم استطع رد انفاسي.. سأقولها واعتذر… أعلم انك اوصيتنا بعدم البكاء والاستسلام، اعلم واتذكر كم غنينا (معلمنا بعدو ما مات) وكم رددنا عبارات نعزي بها انفسنا… اعذرني… فاليوم استسلمت لحسدي لحقدي لكرهي لعنصريتي لضعفي لعواطغي… بكيت حسدا من كل رفيق وصديق وقريب عاصرك فلمس يدك في سلام، او سمع صوتك في كلام، او رأى وجهك عن قرب فراجعه مرارا وتكرارا في الاحلام… بكيت شوقا من حاجتنا لك ووحدتنا وفقرنا دون حكمتك وضعفنا دون قوتك… بكيت غضبا من نفسي ومن جميع من عاهدوك وخانوا العهد…

نعم، خانوا وخنت العهد ولم استطع ان امشي على صراطك المستقيم…. بكيت كرها لعروبة احييتها فقتلتك… بكيت قهرا من مبادئ كتبتها بدمك وبيعت ورهنت باسم التقدم… بكيت خجلا من تنسكك وتصوفك امام تعنجهنا وتكبرنا وفخرنا بما احرزنا من دنيانا… بكيت كرها لحرية وهبتنا شرفها وتمسكنا بحرية زائفة مزخرفة كاذبة، معلمي اسجني معك في التراب اريد هذه الحرية.. اوهبني شرف الشهادة والموت.. انا اعلم ان موتك حياة وحياتنا موت بعدك.. اريد ان اعيش ابدا معك ومثلك وامشي معك في طريق فوق الجبال وخلف البحار بدون بداية ونهاية…

لقد تركت لنا فكرا وفلسفة وخطا وطريقا وعائلة وزعيم وقائد وتراث ومكانة وطنية وعربية ودولية نفتخر بها ونحبها ونايدها…وليدك قائدنا والمختارة كعبتنا وحزبك وفكرك ديننا ومعتقدنا. (وتيمور مرشحنا)…

لكنك غبت وما الحب دون الحبيب وما الجسد دون الروح وما الدين والكتاب والمسجد والكنيسة دون العقل… فقد كنت روح القضية ً ووردة فلسطين وحبنا وحبيبنا…

نعم، بكيتك شوقا وكفرا…اعذرني معلمي، اعذروني رفاقي… كمال جنبلاط غاب ولن افرح الا عند عودته في يوم الحق… او عند عودة الحق في يومه…

الى اللقاء القريب (معلمي)…

(أنباء الشباب، النباء)

اقرأ أيضاً بقلم جهاد خضير

آذار…