“التقدّمي”..وخيارات الناس

صالح حديفة (المستقبل)

في غمرة الاختناق الانتخابي الحاصل على مختلف المستويات؛ وفي ظل تلبّد الخيارات السياسية وغياب الرؤية عن صوغ التحالفات؛ يبرز بشكل مختلف أن الحزب التقدمي الاشتراكي ومرشحيه هم – من بين قلة من القوى السياسية – المقبلون على هذه الانتخابات بعناوين واضحة محددة تنطلق أولاً وأخيراً من الناس وهمومهم ومطالبهم وقضاياهم؛ لا تدّعي المثالية المطلقة بل تراعي الواقع القائم في البلاد سياسياً واقتصادياً لتحقيق أفضل الممكن؛ وفي الوقت نفسه لا تغفل عن الطموحات التي رسمها الحزب لهذا الوطن منذ تأسيسه على يد المعلم الشهيد كمال جنبلاط.

والمهم جداً في عناوين الحزب التقدمي الاشتراكي، قراره الحاسم بتحصين الإنجاز التاريخي المتمثل بالمصالحة الوطنية في الجبل التي تشكل حجر الأساس في الوحدة الوطنية؛ وهو ما جسّده جنبلاط في ملف الانتخابات بالسعي حتى اللحظة الأخيرة الى تشكيل تحالف انتخابي عريض يشمل كل المكونات الوطنية والاجتماعية والسياسية الأساسية ويحمل في الشكل والمضمون مصالحة الجبل شعاراً فوق كل الشعارات؛ وهو ما ستكرسه اللوائح التي سينضوي فيها مرشّحو الحزب بغضّ النظر عن عدم التمكن من ضم باقي القوى إليها؛ حيث ستكون المنافسة مع باقي اللوائح قائمة فقط على قاعدة ديمقراطية صرفة لتقديم الأفضل.

الا انه من الواضح ايضاً أن ما تشهده الدوائر التي يخوض فيها الحزب التقدمي الانتخابات؛ وتحديداً في مناطق ثقله؛ من زحمة لوائح وترشيحات وكثرة وتعدد التلاوين والاطياف والافراد الذين شمروا عن زنودهم لدخول غمار السباق الانتخابي؛ إلا دليل على أمرين:

الأول أن هذه الدوائر التي يشكل فيها التقدمي ثقلاً وازناً؛ إنما تتمتع بمقدار عال من التنوع والتعدد والغنى الديمقراطي الفكري والعقائدي والسياسي والاجتماعي؛ ما يسمح لهذه المروحة الواسعة من التيارات السياسية والحركات والأشخاص والأفراد والناشطين السياسيين المستقلين (الذين يصطلحون على تسمية أنفسهم بالمجتمع المدني)؛ بالتعبير عن آرائهم وخوض غمار الانتخابات؛ وهو ما يدحض زيف الافتراءات عن هيمنة الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيسه وليد جنبلاط على الحياة العامة في هذه المناطق دحضاً كاملاً؛ بل بالعكس يضع في خانة الحزب وجنبلاط على السواء رصيداً إضافياً يضاف إلى سجله الحافل بالحرص على العيش الواحد والتنوع والتعددية وحرية التعبير.

والأمر الثاني أن الحزب التقدمي الاشتراكي ووليد جنبلاط موضع محاولات تطويق واستهداف دائمة لا تتوقف، تتمثل في مختلف المساعي الرامية الى استنهاض كل القوى المضادة والخصمة والعمل على استخدام كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة بهدف ضرب صورة الحزب.

لكن المفارقة تكمن في أنّ هذه المحاولات المستمرة تستمر في الفشل تكراراً، ذلك أن ما يشكله جنبلاط من امتداد طبيعي متمايز وحريص لخيارات الناس؛ ومن إرث تاريخي يجسده بنهج سياسي واضح وحداثوي؛ وبما يحمله تيمور جنبلاط في شخصيته كما في ترشيحه من نفسٍ تجديدي شبابي؛ لا يمكن مواجهته لا بلوائح انتخابية معلّبة، ولا بفتح ابواب الخدمات أمام الخصوم؛ ولا بجعل المطالب التاريخية للحزب مطية للبعض لمواجهته؛ وبدل ذلك تثمر محاولات التطويق هذه مزيداً من تأكيد قناعات الناس بصوابية هذا المسار الذي يقوده وليد جنبلاط؛ وبتجديد الثقة له بشخص تيمور جنبلاط في ٦ أيار المقبل؛ حيث سيكون للصناديق الانتخابية الكلمة الديمقراطية الفصل في تكريس منظومة القيم التي يمثلها اداء الحزب التقدمي الاشتراكي على مستوى كل لبنان.

(*) مفوض الشباب والرياضة في الحزب التقدمي الإشتراكي