“سيري فعين الله ترعاكِ”!

سمير منصور

إذا كان التوصل إلى بيان موحد يصدر عن مجلس الوزراء لمعالجة أزمة وطنية نجمت عن إستياء سعودي من تهجمات حزبية لبنانية على المملكة العربية السعودية وقادتها، يحتاج إلى أكثر من ست ساعات في مجلس الوزراء ما عدا تلك التي سبقت إعداده والتشاور في مضمونه فإن أقل ما يقال في الطبقة السياسية ومعظم مكونات تلك الحكومة بأنها فاشلة وأن حساباتها وإرتباطاتها الإقليمية تطغى على المصلحة الوطنية العليا والتي تختصر بإتخاذ كل الخطوات اللازمة ﻹزالة الإستياء السعودي والذي ترجم بتجميد مساعدات غير مسبوقة للبنان تقارب الثلاث مليارات دوﻻر وخصوصاً للجيش وقوى اﻻمن وسائر اﻻجهزة اﻻمنية.

وﻻ بأس فقط تم التوصل في النهاية إلى بيان حظي بإجماع الوزراء على إختلاف تكتلاتهم وإنتماءاتهم الحزبية واﻻقليمية وإن يكن هذا “اﻻنجاز” قد تم بعد نقاش مستفيض ممل بلغ حد إبقاء الخطوط مفتوحة مع المرجعيات وجدل بيزنطي تداركاً ﻷية نقطة او فاصلة قد تزعج أولى اﻷمر!

Ministerial-Council-5

إذا كان مشروع بيان حكومي للمجاملة وحفظ ماء الوجه مع دولة شقيقة كبرى يحتاج إلى ساعات طويلة من النقاش العقيم، فكم يحتاج جدول عناوين فضفاضة مثل “المؤتمر التأسيسي” و”العقد الجديد” وما شابه من شعارات تطلق من حين إلى آخر على مستويات مختلفة؟

في رأي سياسي مستقل من خارج اﻻصطفافات في 8 و 14 آذار أو ما تبقى منهما، أن لبنان مستمر أوﻻ برعاية الله على قاعدة “سيري فعين الله ترعاكِ” وبفضل ما تبقى من العقلاء واﻻوادم ممن لم يفقدوا توازنهم، هذا على المستوى السياسي واﻻمني، وأما على الصعيد اﻻقتصادي فلبنان مستمر بفضل دعم أشقائه العرب وبفضل مئات اﻵﻻف من اللبنانيين المنتشرين في اصقاع العالم وخصوصاً في المملكة العربية السعودية والخليج العربي سعياً وراء الرزق الحلال والذين يضخون سنويا مليارات الدوﻻرات فليترك هؤﻻء وشأنهم وليحيد السياسيون والحزبيون التزاماتهم وإرتباطاتهم عن لقمة عيش هؤﻻء الناس الذين يتوزعون على كل الطوائف والمذاهب واﻻنتماءات والبيئات الحاضنة للجميع دون إستثناء وليختلف السياسيون فيما بينهم بعيداً من أرزاق البشر!

ولعل من حسن الحظ هو ذاك التقاطع اﻻقليمي والدولي عن حماية الحد اﻻدنى من اﻻستقرار في لبنان على كل صعيد أمني وإقتصادي- مع الأمل الكبير بإستمراره-  وهذا ليس منة أو كرم أخلاق من اي جهة بل هو ضروري لمصالحهم واستمرار تشكيل مشاريعهم اﻻقليمية.

baabda-05

وأما البطوﻻت التي يحاول إصطناعها البعض لتسديد الفواتير والتملق لهذه الجهة أو تلك فلم تكن يوما سبيلاً الى مصلحة عامة على اﻻطلاق… هكذا يبدو المشهد السياسي في لبنان، خاوياً رغم كل الضجيج وكل العناوين تدور في حلقة مفرغة وليس أقلها إستمرار اﻻستحقاق الرئاسي في اﻷسر!

ومرة جديدة السؤال يبدو ضاغطاً: ما الذي يحول دون إنتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل غد وﻻ سيما في ظل غياب المنافسة نتيجة وجود مرشحين جديين من الفريق نفسه وهو الذي يعطل النصاب القانوني لجلسات اﻻنتخاب!