المواقع الإلكترونية اللبنانية تنظم صفوفها وتطلق “ميثاق الشرف”

يشهد مجتمعنا الحالي تطوراتٍ سريعة في كافة جوانب الحياة خاصة في مجال الإتصال والإعلام، حيث تحتل شبكات الإنترنت بما تتضمن من مواقع إلكترونية دوراً هامّاً في نقل المعلومات بين المجتمعات وبشكل مباشر، فأصبحت تنافس وسائل الإعلام المتعددة (المرئية والمسموعة والمكتوبة) على حدّ سواء، والتي باتت تعتبر من الإعلام التقليدي في بيئة تحتلها وسائل الإعلام الرقمية الجديدة.

وقد حققت المواقع الإلكترونية إنتشاراً واسعاً في مجتمعنا المعاصر نتيجة تمتّعها بالسرعة القياسية التي سمحت لها بالوصول إلى عدد كبير من الأفراد بأقلّ وقت ممكن، وبالمقابل سمحت للقارئ بالمشاركة الفورية كإبداء رأيه بالمواد الإعلامية المطروحة، وسهّلت كل من عمليات التخزين، الإسترجاع والتعديل حيث يمكن إعادة تعديل المادة الإعلامية لتلبية حاجات القرّاء.

ولكن بالرغم من كل هذه الخصائص التي تتمتع بها، إلاّ أنها في المقابل طرحت عدداً كبيراً من المشكلات والقضايا المتعلقة بأخلاقيات الممارسة الصحفية أو أخلاقيات الصحافة عامة، فالصحف التقليدية لديها معايير محددة يجب الإلتزام بها مثل الأمانة، ذكر المصدر، الإكتمال في عناصر الخبر، الدّقة في نقل الخبر وعدم تزييف الأخبار، في حين أن الصحف الإلكترونية أو المواقع الإلكترونية تهتم بالحصول على الأخبار بسرعة قدر الإمكان دون تقيّد العاملين فيها بمعايير يلتزمون بها كغيرهم من الصحافيين، هذا عدا عن المسائل المرتبطة بمصداقية الصحافة الإلكترونية ومقدار الثقة الممنوحة لها من قبل القرّاء خاصةً في ظل وجود مواقع مجهولة المصدر ناهيك عن المحاولات المتعددة لاختراق بعض المواقع وتعديل محتواها، بالإضافة إلى إهمال عمليات تحديث المحتويات الموجودة في هذه المواقع والعديد من المشاكل الأخرى .

ولهذه الأسباب العديدة وفي ظل غياب قانون حديث ومفصّل يخصّ الإعلام الإلكتروني في لبنان، أقام البعض من رؤساء المواقع الإلكترونية في لبنان تجمعاً يهدف إلى ضمان حقوق المواقع الإلكترونية وحقوق العاملين فيها حيث انضم إلى هذا التجمع أكثر من عشرة مواقع إلكترونية لبنانية.

?????????????

 وفي حديث مع ممثل جريدة “الأنباء” في هذا التجمع هشام يحيى، أكّد أنه كان من الضروري إقامة هذا التحرّك لأن المواقع الإلكترونية باتت تعتبر المصدر الأول للأخبار وباتت تنافس غيرها من الوسائل الإعلامية، وأشار إلى الإجتماع الذي انعقد في “الأنباء” والذي ضمّ بعضاً من أصحاب المواقع الإلكترونية الذين قاموا بتلبية المشاركة للتحرّك وكان هدفهم الأساسي نصّ ميثاق شرف ينظّم سير عمل المواقع الإلكترونية، وتم انعقاد العديد من الإجتماعات في هذا الإطار وهو ما سيتم الإعلان عنه الأربعاء في نقابة الصحافة.

 وكما قال يحيي فإن ميثاق الشرف هو ميثاق متطور ملتزم بالمعايير الصحفية ويدعم التداول الحرّ للآراء ويحدد حقوق وواجبات كل المواقع الإلكترونية كي لا يتم اختراق المعايير الأخلاقية وبالتالي اختراق الجسم الصحفي العامل والدستور اللبناني، خاصة في ظل الوضع القائم والذي يخلق نوعاً من الغبن الكبير في المواقع الإلكترونية الراقية، فيجب أن يكون هناك مستوى معيّن يحدد سير عمل هذه المواقع.

وأشار يحيى إلى أن الإنضمام إلى هذا التجمع هو اختياري بعيداً عن العمل النقابي طامحاً للوصول إلى نقابة خاصة بالمواقع الإلكترونية تعمل على مراقبة ومحاسبة من لا يلتزم بالقانون في حين أن هذه التجمع ليس لديه الحقّ في المحاسبة واتخاذ اجراءات معينة بحق من لا يلتزم.

وأما بالنسبة لموقف جريدة “الأنباء” من هذا التحرّك فقد أوضح يحيى أنها توجه تحركها بإطار ينظم الخلفية المهنية للمواقع وتحافظ على حريتها واستقلاليتها ودورها الوطني في الدفاع عن حريات وحقوق الإنسان من ناحية وتعزيز المواطنة والمساءلة والمحاسبة في لبنان من ناحية أخرى، وهذا التوجه شكّل النواة الأساسية للمسودّات التي يتم من خلالها تشكيل ميثاق الشرف معتبرا أن سنة 2016 ستكون ذات توجه ورؤية جديدة تعمل على حماية حقوق المواقع الإلكترونية وحقوق العاملين فيها.

rabi3

من ناحية أخرى، أكد مسؤول موقع “ليبانون فايلز” ربيع الهبر لـ”الأنباء”  أن هذه المبادرة جاءت من وزارة الإعلام لتنظيم قطاع الصحافة الإلكترونية وأن ميثاق الشرف يحدد العلاقة مع السلطات الرسمية ويحمي المواقع الإلكترونية من الجرائم الصحفية التي تتعرض لها على أن يتم إتخاذ إجراءات معينة (تُحدد لاحقاً) بحقّ من ينظّم لهذا التجمّع ولا يلتزم بميثاقه، مؤكداً أن ضرورة نص قانون خاص بالصحافة الإلكترونية في ظل الخلل الذي تتعرض له الحقوق الأدبية والفكرية من سرقة وعدم الدقة في طرح المعلومات وتزييفها، وبالتالي التعرض للسلم الأهلي وغيره من المشاكل الكثيرة التي لا بد من معالجتها.

—————————————-

(*) سحر صالحة