بكرا بيكبروا الولاد…قالها بجرأة المطران مطر!

محمود الأحمدية

صباح السبت الماضي وفي البرنامج السياسي “صالون السبت” كانت مقابلة صريحة وواضحة مع سيادة المطران بولس مطر وتخللتها مقاربة لمختلف الهواجس والمخاوف اللبنانية بشكل عام والمسيحية بشكل خاص…

وعندما حاولت الإعلامية وضع النقاط على الحروف في مسألة عدم التوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية وخاصة أن ثلث مدة الرئاسة قاربت على الإنتهاء ورأس الدولة مقطوع فأجاب بجرأة وبصراحة لم نتعودها: “بكرا بيكبروا الولاد” قالها بمرارة موصوفة…!! وإذا جئنا للوقائع والحقائق والأرقام في بداية هذا العام 2016 لا بد من ذكر الأوضاع التي يغرق فيها الوطن والمحيط والعالم…

بدءاً بالوطن: شلل على كل الأصعدة، من مجلس النواب إلى مجلس الوزراء إلى مختلف القطاعات السياسية والإجتماعية والبيئية وصولاً إلى القضائية وأخيراً وهذا هو الخط الأحمر الذي يتباهى به لبنان: القطاع المصرفي!

لن نذكر الملف الذي أصبح مجرد ذكره يتأسّف اللبنانيون للساعة التي خلقوا فيها في هذا الوطن أي ملف الغرق في نفاياتنا ولن أزيد!

أما على الصعيد العربي والإقليمي بلاد ممزقة وشوارع يسكنها الدمار وجبهات متقاتلة وحدودها النار والبارود والسلاح المدفوع ثمنه قهراً وجهلاً بمليارات الدولارات ويكفي للدلالة مجرد ذكر الوضع الإقليمي يأتون على ذكر إيران، روسيا، أميركا، فرنسا والدول الغربية،تركيا.

أما العالم العربي فكل دولة غارقة في دمائها وذلها وقصر نظر رؤسائها، وكم نحن بحاجة لعبد الناصر جديد يطلقها صرخة مدوية تتخطى كل مدينة عربية وكل قرية عربية وكل دولة عربية “أرفع رأسك يا أخي” أيام كانت فيها للكرامة وجود وللقوة وجود وللعنفوان وجود!!

وأمام تقاطع المصالح الدولية وتناقضها نجد الملعب العربي ساحة حقيقية لتحقيق الأطماع ولتنفيذ سياسة دولية ترتكز على مقولة أن العرب تعني لهم الصحراء والجمال والبدو والبترول والغاز والعقول الفارغة هكذا وبكل بساطة وبصراحة كاملة ونظرة بسيطة إلى واقعنا نتحقق من صدق ما نقول…

والمأساة، كل المأساة، أن لبنان الذي كان في يوم من الأيام المثل والنموذج للعرب جميعاً حيث المعادلة الرائعة بامكانية التعايش المسيحي المسلم بابداع وإبتكار كبيرين وصولاً إلى اطلاق البابا بولس الثاني أثناء زيارته إلى لبنان كنموذجٍ رمز:” لبنان وطن الرسالة” ويكفي للدلالة أن نعرف بأنه من آخر دولة في الشرق من أفغانستان وباكستان والهند وصولاً إلى مدينة أغادير آخر مدينة عربية على المحيط الأطلسي في المغرب العربي الرئيس المسيحي الوحيد هو رئيس جمهورية بلد الأرز لبنان…

Boulos-Matar-L

ومن هنا يأتي حجم الجريمة الحقيقية التي يرتكبها يومياً اللبنانيون عامة والمسيحيون خاصة بحق أنفسهم عندما يتركون الوطن مقطوع الرأس… وإن كانت داعش قد اشتهرت بقطع الرؤوس فكلنا نشارك بقطع رأس الوطن وكلنا داعشيون بامتياز!!

أين هم رجال الدولة الأفذاذ يدمرون كل الحواجز النفسية ويدمرون الوحش الأناني القابع في صدورهم ويرتقون إلى مستوى انتخاب رئيس للوطن؟؟ صور كثيرة مؤلمة مرت على الوطن ولكن أقواها وأفعلها بما لا يقاس عندما جاء الإتفاق في تبادل المقاتلين والجرحى والأهالي السوريين بين الحكم والمعارضة وتحت أنظار العالم أجمع اجتاحت الباصات والرانجات والفانات، ذهاباً وإياباً شوارع الوطن وصولاً إلى الحدود والمطار… والمأساة أنّ الوزراء لا علم لهم بما يجري!!!

بربكم هل تتصورون ومهما بلغت لغة الإلغاء والإنتحار  الذاتي هل نستطيع تصور وطن مخلع الأبواب تصفر العاصفة في كل جنباته وبدون مسقف وجدران تحميه ومسؤولوه بعيدون ويتفرّجون هكذا وبكلّ بساطة وبلادة!!

والأنكى أن الوزراء قالوها وابتسامة تعطر وجوههم الكريمة هؤلاء نحن انتخبناهم! تخيلوا وللحظة واحدة الوضع النفسي المتدهور لكل لبناني وعلى مدار الساعة وهو يرى وعلى الطبيعة وعلى الهواء مباشرةً هذه المشاهد المؤذية!

أين الكرامة والعنفوان وعزة النفس والتاريخ والحرف الذي صدرناه يوماً! أين دماء الذين استشهدوا كرامة لسيادة الوطن؟؟ أين فؤاد شهاب يقوم من قبره وكل رجال الدولة الآخرون يذودون برموش العيون عن كرامة ابنائهم ويرفعون الصوت واقولها بخلفية نظيفة وواضحة وقاطعة كالسيف: مجرد تسمية أربعة وجمعهم على أساس أنهم الأقوياء هو الغاء حقيقي لكل شخصية مسيحية مبدعة قادرة طموحة منقذة وهذا هو التدمير الذاتي بحد ذاته وعودة بسيطة إلى نيافة البطريرك صفير عندما طلبوا منه التسمية وسمّى كانت الغلطة التاريخية الأولى وأكملها نيافة البطريرك الراعي مع احترامي الكلّي لهما!!

ومن أجل كل ذلك نرى الذين تقاتلوا يوماً لا يزالون عائشين خلف الخنادق في العمق ويكفي رؤية تناقضاتهم وتنجير الخوازيق الذي يتقنوه بحق بعضهم وأنا لا أسطح الأمور ومجرد تسمية الأستاذ سليمان فرنجية كشف كل الحقائق وعرّى الوضع الرئاسي والمسترئسين من ورقة التوت!!

ولو تجاوزنا مسألة الأربعة الأقوياء… كان هناك اتفاق إذا استطاع أحدهم الحصول على النصاب لانتخابه رئيساً تخلّى الجميع لصالحه!!

سؤال بريء وعاطفي وخذونا على قد عقلاتنا !! شعبنا ليس غبياً ويتابع بحرص وبانتباه للجريمة التي ترتكب بحق الوطن! اطلعوا من القوى الإقليمية وعودوا إلى ضمائركم عودوا إلى داخل حدود الوطن المشلع وعودوا إلى الوطن قبل أن تخسروا ونخسر معكم الوطن وسط محيط هائج ومرعب ولبنان وسط العاصفة والانتخابات التي حصلت تاريخياً بين الرئيسين سليمان فرنجيه (الجد) والياس سركيس والصّوت المرجّح لكمال جنبلاط تجسّد حقيقة ارادة اللبنانيين إذا أرادوا! وانتهي لأقول مع سيادة المطران مطر: عسى أن يكبر الأولاد فيرضون ضمائرهم وربهم وشعبهم!!

اقرأ أيضاً بقلم محمود الأحمدية

القلم الحر والانتصار في زمن القهر

عصام أبو زكي… الرجل الأسطورة… بطل من بلادي

انسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ ونتائجه الكارثية

في الذكرى 43 معلومات جديدة مذهلة عن عالمية فريد الأطرش

كمال جنبلاط البيئي: سابق لعصره

من كمال جنبلاط إلى الربيع الصامت إلى فرنسا

مَنْ أَحقّ من فريد الأطرش بنيل جائزة نوبل للفنون

كمال جنبلاط البيئي سابق لعصره

كيف لوطن أن يشمخ وفيه كل هذا العهر في مسلسلاته

حرش بيروت تحت رحمة اليباس… والتاريخ لن يرحم

مواسم التفاح بين الحاضر والماضي… قصة عزّ وقهر!

مصنع الإسمنت في عين داره ونتائجه الكارثية على البيئة والإنسان

كمال جنبلاط البيئي  وثقافة المواطن الحر والشعب السعيد

أولمبياد الريو والحضارة وعرب ما قبل التاريخ

مصنع الإسمنت في عين دارة: جريمة بيئية موصوفة

هل أحسنت؟ هل أخطأت؟ لا أعرف!!

حكايتي مع كرة القدم وفريق ليستر الانكليزي الذي هز اعتى الامبراطوريات

شكراً مسيو هولاند… أعطيتنا درساً في الحضارة والأخلاق!

غسان سلامة و”اليونسكو” وزواريب السياسة اللبنانية!

أنا علماني ولكني لي ملاحظاتي!