ليبيا؛ ثلاث سنوات إنتقالية دامية

تطرح المتغيرات العالمية أسئلتها على المفكرين والكتّاب، لكي تمتحن نظرياتهم وأنساقهم المعرفية من جهة، ومقدار قربهم أو بعدهم عن قضايا بلادهم وهموم شعوبهم من جهة أخرى، فتكشف عن نماذجهم في الرؤية وأنماطهم في التفكير أو طرق مقاربتهم للأحداث والمجريات. فكيف ينظر الدكتور يوسف شاكر إلى الأحداث الجارية في بلاده، وخاصة أن الواقع الليبي بمفارقاته ومتاهاته وأفخاخه، هو في غاية التعقيد والانفلات والضبابية…

في كتابه «ليبيا.. ثلاث سنوات إنتقالية دامية» يتحدث الكاتب شاكير عن المأزق الليبي خلال أربع سنوات كاملة مضت على عملية التغيير السياسي الحادة داخل ليبيا بكل ما لها وما عليها. والقضية اليوم لم تُعد في توصيف اللحظة التاريخية التي احتواها شهر فبراير عام 2011 هل هي “ثورة” أم كانت مؤامرة سياسية شارك فيها الجميع دون استثناء..؟ أم حالة وسطى بين هذين الحدين السياسيين، عبرت عن نفسها في لحظة ارتباك سياسي – تاريخي…؟

وكما يرى الكاتب: إن المحصلة الطبيعية لمراحل المرحلة الانتقالية في ليبيا هو هذا الاحتراب الأهلي وما يواكبه من عمليات استنزاف مادي ومعنوي غير مسبوقة، كانت كاشفة عن فشل النخبة والمجتمع بمؤسساته التقليدية والحداثية في التعاطي مع اقتراب التحدي والاستجابة في التعامل مع “الثورة” أولاً ثم المرحلة الانتقالية تالياً، فالتحدي كان أكبر من طاقة الجميع على الاحتمال بسبب هذا الكم الهائل من الأنانية السياسية بسبب الصراع والرغبة في الاستحواذ على الدولة الجديدة من منطلق حزبي أو جهوي أو عقائدي، بين أطياف المشهد السياسي بمختلف مشاربها وانتماءاتها سواء الإسلامية منها أو المدنية – الليبرالية، وبين الجهوية – المناطقية، فيما أتت الاستجابة أقل من المتوقع بسبب ما يمكن توصيفه بـ “الغباء السياسي” الذي مارسه الجميع من دون استثناء، ما قاد إليه من خطايا في إدارة المرحلة الانتقالية التي كان مقرراً ألا تتجاوز عامين حسب مضامين الإعلان الدستوري الأول في 13 أغسطس 2011 الناظم لتلك المرحلة، ولكنها تجاوزت هذا القيد الزمني ودخلت في نفق مظلم بات الخروج منه يحتاج إلى معجزة إلهية، تدفع الليبيين للارتقاء إلى روح المسؤولية الوطنية والتسامح…”.

«ليبيا.. ثلاث سنوات إنتقالية دامية» كتاب يتحدث مؤلفه عن “المأزق” ويضع تصوراً لـ “المخرج”، ويحمل قارئه على إعادة النظر في كل ما جرى وسيجري، ويدعو الليبيين إلى التوحد وبناء الوطن وفتح أبواب المستقبل…

يتألف الكتاب من مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، المقدمة بعنوان: إخفاق نخبة ومجتمع بسبب سوء إدراك الفعل الثوري. يتبع ذلك الفصل الأول وجاء بعنوان: فشل النخبة الليبية الجديدة وافتقادها الشعور بالمسؤولية التاريخية، بينما جاء الفصل الثاني بعنوان: ليبيا الحائرة بين الموروث القبلي والحاضر المسكون بالصراع والتوتر، وحمل الفصل الثالث عنوان: ليبيا بين نموذجي الدولة الرخوة والدولة الفاشلة، وأما الفصل الرابع فجاء بعنوان: برقة وعدوى الفيدرالية: خطوة للماضي أم استباق للمستقبل، وأخيراً الخاتمة: نحو رؤية مستقبلية “لكيفية الخلاص السياسي من الواقع المأزوم”.