لقاء أبناء الجبل – مصير مشترك؟

فؤاد سيور (النهار)

تتعاظم التحديات السياسية والاجتماعية في وجه اللبنانيين والاحداث المتسارعة والتهديدات المستمرة تدخل أبناء الجبل في أجواء القلق والخوف مما قد يلحق بهم خصوصاً أنهم لم ينفضوا عنهم بعد غبار الحروب ونتائجها.

هل يمكن للجبل أن يستعيد استقراره وأمنه بدون وحدة أبنائه، هل يمكن تحقق هذه الوحدة من دون العدل والمساواة والإدراك بأن المصير واحد والتعامل مع التطورات بصفة الشريك المعني بالمستجدات، خصوصاً أننا نواجه أخطاراً محدقة تتربص بنا جميعاً.

في مناخ عدم الثقة يتعذر علينا أن نتواصل ونتفاعل بحرية وكرامة، يلزمنا إيمان بالمثل العليا بالحرية وبقيم الخير والعمل والعدل. الأمر يتطلب مراجعة شاملة للعلاقات بين الجانبين والانتقال الى ترتيب الأولويات لضمان متطلبات البقاء وتفعيلها والقدرة على اتخاذ القرار المستقل والمشاركة في صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبيان العوائق التي حالت دون قيامها والتصدي لها الى رسم صيغة تناسب خصوصيتنا.

لأننا آمنّا بالانسان وبالوطن وبأن القيم لا تجد مبادئها، إلاّ في ذات الإنسان وبنظرة شاملة ذات حياد إيجابي وإعادة اعتبار للإنسان واعتباره القيمة الأسمى فوق العصبيات ترسيخاً لقيم الحق والخير الجمال.

كان لا بد من وجود هذا اللقاء لقاء أبناء الجبل الذي يؤكد استعداده لتقديم التضحيات مهما بلغت لبسط المحبة والإلفة وتبديد القلق الذي يساور بعض ابناء هذا الجبل على مصيره ومستقبله والانتقال بهم من حال الاختلاف الى حال الائتلاف.
إن هذا اللقاء سيكون لقاء تاريخياً لما له من الأثر البالغ في نفس كل من سيسمع به، لأن أعضاء هذا اللقاء عقدوا السواعد وشدوا الأيادي للمشاركة في ورشة تحقيق الأهداف حتى يكون لكل منهم شرف المساهمة في بناء لبنان الجديد، لأن الأرض الصالحة والخيارات الواضحة قادرة على تحقيق الأهداف المرجوة. إذا أردنا أن نكون متصالحين ومتصارحين مع أنفسنا يجب أن نؤكد أن هذا الهدف لا يتم بين ليلة وضحاها، بل علينا فعل الكثير لأن المهمة صعبة وشاقة.

إننا نرى في هذا اللقاء ولادة لمشروع وطني كبير يعيد اللحمة بين أبناء الجبل إذا ما توافرت له الظروف الملائمة، وهي كذلك علينا أن نعكس ما يدور على أرض الواقع الذي يعيشه أهلنا بمختلف وجوهه بحلوه ومرّه وسلبياته وايجابياته. علينا أن نكون مرآة للواقع لا أن نكون وسيلة للمجاملة وإرضاء الخواطر. فهل من همة لإزالة كل ما يعوق تقدمنا ورقينا، علينا الاعتراف بما اقترفته أيدينا في حق أنفسنا، وأن نكف عن إلقاء اللوم على الغير، لأن ما من أحد أساء الينا أكثر مما أسأنا نحن الى أنفسنا، علينا أن نكون ورشة ترميم ليس للإعمار فحسب، بل للإنسان الذي يجب أن يكون غاية كل ترميم وإعمار وهذه السياسة كفيلة بتحقيق الوحدة والإلفة بين المواطنين، لأنها ستقوم على أسس متينة بعيدة عن كل تمييز وتفرقة ومحسوبية تمكننا من الوقوف في وجه التحديات.

إلا أن ما يدخل الطمأنينة الى القلوب وجود المرجعيات الدينية والسياسية التي تشاركنا نفس الهموم وتعمل الى جانبنا لطرح القيم التي يقوم عليها مجتمعنا من عدل ومساواة. وعلينا كأبناء هذا الجبل العمل بجهود متضافرة لتحقيق أهداف اللقاء لأننا نؤمن بأن التغيير هو إرادة فعل يباشرها الفرد وتتراكم مفاعيلها وتؤتى ثمارها عاجلاً أم آجلاً.

الشعلة التي سنضيئها في الجبل سيعم نورها كل لبنان.

—————————————-

(*) عضو لقاء أبناء الجبل
     دكتوراه دولة في العلوم الطبية