سباق أميركي – روسي على اللاحل في سوريا
رفيق خوري (الانوار)
27 نوفمبر 2014
تنظيم داعش مستمر في الهجوم للاستيلاء على مزيد من الأرض، برغم التحالف الدولي وغاراته الجوية. وما فعله بالصراع الجيوسياسي في العراق وسوريا قاد أميركا وروسيا، قبل ايران وتركيا، الى شيء من التغيير في الاستراتيجيات. فلولا داعش لبقي الرئيس باراك أوباما ينظر الى ما يدور في العراق وسوريا، فلا يرى سوى نزاعات لا تؤثر على أميركا. ولولا تردد أوباما وما يسميه البعض سوء قراءته للوضع وما يسميه البعض الآخر سوء نيّته، لما تمكن الرئيس فلاديمير بوتين من فرض الدور الروسي كشريك للدور الأميركي، وأحياناً كمدير للعبة في جنيف – ١ وجنيف – ٢ مروراً بوضع ورقة الاتفاق على نزع السلاح الكيماوي السوري على الطاولة مكان ورقة التهديد الأميركي بضربة عسكرية.
لكن اعلان دولة الخلافة الداعشية دفع أوباما الى رؤية الخطر على المنطقة والعالم والأمن القومي الأميركي والسعي لمواجهته بالتحالف الدولي للحرب على الارهاب. وما فعلته روسيا في أوكرانيا قاد الى أزمة مع الغرب، وبالتالي الى فرض عقوبات على موسكو التي بدت كأنها في عزلة. ولم يكن ممكناً ان يجلس الرئيس فلاديمير بوتين على يديه، وهو يرى دور بلاده في الظل والطائرات الأميركية تقصف أهدافاً لداعش في سوريا. ولا كان الخيار أمامه، الى جانب الاستمرار في تسليح دمشق ورفع مظلة ديبلوماسية فوقها في مجلس الأمن، سوى معاودة التحرك تحت عنوان الحل السياسي. وهذا محور محادثات بوتين والوزير سيرغي لافروف في سوتشي مع وفد سوري برئاسة الوزير وليد المعلم.
والواقع ان الكل يتحدث عن الحل السياسي، ولكن بشيء من قواعد الحل العسكري. أميركا تقصف داعش وتقرر تدريب المعارضة المعتدلة وضمان تمويلها وتسليحها لتغيير موازين القوى من أجل التوصل الى حل سياسي. ايران تتحدث عن الحل السياسي وتدعو بلسان المسؤول في الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الى تجنب الحلول العسكرية، وهي تشارك مباشرة وعبر المنظمات المرتبطة بها في دعم الحل العسكري. كذلك الأمر بالنسبة الى النظام والمعارضة الكلاسيكية.
لكن الكل يعرف أن ساعة الحل السياسي لم تأتِ بعد. فما فعلته روسيا قبل المحادثات مع الوفد السوري هو استقبال معارضين والتشاور مع الموفد الدولي دي ميستورا. وما تقدمه في محادثات سوتشي هو أكثر مما يريده النظام، وأقل مما تريده المعارضة. فضلاً عن أن فشل جنيف-٢ كان قبل ظهور داعش الذي يستطيع تعطيل أي حل ولو كان متواضعاً وموضعياً مثل تجميد العنف في حلب حسب خطة دي مستورا. ولا جدوى من الجدل حول اعطاء الأولوية للحرب على الارهاب أو للحل السياسي. ففي التصحير السياسي نشأ وكبر الارهاب. وفي الانطلاق من الحل السياسي بوليصة ضمان للقضاء على الارهاب.