قرار سياسي إيراني لحسم مصير التفاوض

ثريا شاهين (المستقبل)

على الرغم من المستجدّات في المنطقة ذات الصلة بما يقوم به تنظيم «داعش» وما يعتبره المجتمع الدولي من أنّ مكافحته ومكافحة دولته أولوية، إلاّ أنّ الاهتمامات تبقى منصبّة على مصير التفاوض الغربي مع إيران كونه يشكّل مسألة مفصلية في ما ستؤول إليه ملفات المنطقة والوضع الإيراني وانعكاساته الاقليمية، وعلى مسار العلاقة الأميركية الإيرانية.

وتفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع أنّ التفاوض في المرحلة المقبلة يستمر على مستوى الخبراء، إلى أن ينعقد على مستوى وزراء الخارجية في تشرين الثاني المقبل، بعدما تم تمديد التفاوض 4 أشهر وفي اطار تجديد العمل بالاتفاق الأوّلي بين دول الـ5+1 وإيران ستة أشهر. التفاوض إذاً سيُستأنف نظراً لوجود خلاف أساسي وجوهري بين الطرفين متعلق بمستقبل البرنامج النووي الإيراني وعدم قبول طهران التخلي عنه. في حين أنّ الغرب يريد منها التخلي عنه نهائياً الآن، ومستقبلاً.

إنه قرار سياسي كبير يجب أن تتخذه إيران، وفي تشرين الثاني يحسم الأمر، وتحسم العقد الكبرى التي حالت دون توقيع اتفاق ما قبل 20 تموز الماضي.

القرار السياسي الإيراني الذي يجب أن يتخذ هو إمّا التنازل عن البرنامج نهائياً أو القبول بالوضع الحالي الذي تعاني منه. السؤال الذي يُطرح في الداخل الإيراني هل رفع العقوبات أفضل أم البقاء على العقوبات؟ يجب أن تقيم مقارنة بين استمراريتها في امتلاك السلاح النووي أو العمل للوصول إليه، أو التخلي عنه، مع إبطال العقوبات الدولية والعزلة التي تعاني منها. كل قرار يتطلب مواقف، فضلاً عن الغرب أيضاً أمامه قرار مصيري، إمّا التفاهم مع إيران حول البرنامج لإزالته ورفع العقوبات أم عدم اللجوء إلى ذلك، والمقارنة بين الأفضل والأسوأ. الأشهر الأربعة تقريباً، مرحلة حاسمة، إمّا أن يفشل التفاوض نتيجة عدم تقديم التنازلات المطلوبة من الفريقين، ويفشل معه إمكان استمرار الاتفاق المبدئي سارياً نظراً إلى القدرة على تمديده مرّة واحدة وقد تمّ تمديده. مع الإشارة إلى أنّ الغرب لا يريد فقط إزالة البرنامج الإيراني النووي حالياً، إنّما إزالة قدرة إيران على امتلاك القنبلة النووية مستقبلاً وفي أي وقت لاحق.

ملفات المنطقة في هذه المرحلة من التفاوض ستبقى تراوح مكانها. إذ لا تفاوض على قضايا المنطقة بين الغرب وإيران. ولن تكون هناك مفاوضات حول تلك القضايا بشكل جانبي لحل الأزمات العالقة، لإرساء حل نهائي لها، مثل ملفات لبنان وسوريا والعراق وغيرها، في انتظار إرساء الحلول النهائية بعد إنجاز التفاوض واتضاح صورة المرحلة المستقبلية. إنّما هذا التوجّه، لا يعني أن لا حلول يمكن أن يتوصّل إليها الأطراف الداخليون في ما بينهم، حيث انه لا يستبعد أن يبدي بعض هؤلاء مرونة أو تعاوناً لحلحلة أمورهم الأساسية العالقة في ظل وضع ملتهب تعيشه المنطقة، وتلافياً لأي انعكاس سلبي له على وضعهم. أي انه يمكن للأطراف التوصّل إلى حلول لقضايا محددة، إنّما من غير الوارد التوصّل إلى حلول نهائية حالياً، فقط مبادرات موضعية. مثلاً في العراق تم انتخاب رئيس للجمهورية وتمت معالجة القضية الكبرى وهي إيجاد رئيس حكومة حظي بتقاطع إيجابي بين واشنطن وإيران والخليج، حافزه الأساسي، خطر «داعش» وضعف سلطة الدولة العراقية وهو ما لا يجب استمراره. إنّما لا يعني ذلك دخول العراق مرحلة حل نهائي. ومن الممكن ان تقوم الأطراف في أي ملف إن بالسعي لمصلحتها فتحل قضايا ضمن حدودها. والحلول الكبرى تبقى معلقة لا سيما وأن ليس هناك ما يؤكد، وفقاً للمصادر، انه في حال تم التوقيع على الاتفاق النهائي لإزالة البرنامج النووي الإيراني ورفع كامل العقوبات الدولية عن إيران، انّه في اليوم التالي سيجتمع الغرب أو الأميركيون تحديداً مع إيران، ويحلّا مشاكل المنطقة. معاهد أبحاث أميركية بدأت تقول إنّه لا يجب أن يتم توقيع اتفاق نهائي مع إيران، قبل الاتفاق على دورها في المنطقة وطبيعته. والسبب أنّه من غير المؤكد، بعد الاتفاق النهائي مع إيران ورفع عزلتها الدولية، خصوصاً إذا ما أدّى ذلك إلى زيادة قوّتها وتعزيزها، القدرة على الاتفاق معها على ملفات المنطقة، وان ذلك ليس مضموناً.

حتى الآن الغرب كما طهران، لا يريدان البحث في قضايا المنطقة أثناء التفاوض حول النووي. الغرب يعتبر ان الملف النووي معقّد في التفاوض إلى درجة كبيرة، وأن تعقيداته لا يمكن ربطها بمشاكل المنطقة وملفاتها فتزداد الامور تعقيداً، وإيران مع هذا التوجّه.

ملفات المنطقة تحتاج إلى سنوات للحل، إن في سوريا أو العراق. الآن لا يوجد حل سياسي مطروح على الطاولة أو يتم التفاوض حوله بشكل جدّي.

في لبنان تبدي بعض الأطراف الداخلية استعدادات للحل عبر طروحات وسطية في مجال الاستحقاق الرئاسي، لكن حتى الآن هناك مراوحة سائدة والافق غير واضح.

اقرأ أيضاً بقلم ثريا شاهين (المستقبل)

“الغموض” الاميركي يُقوّي نفوذ روسيا وإيران في المنطقة

الحريري في موسكو لدرء مخاطر التسويات الكُبرى

تفاوض أميركي- روسي على «وقع» الضربة في سوريا

روسيا تُعدّ ورقة تفاوض لمحادثات جنيف السورية في شباط

الملف الإقليمي ينتظر «ربيع ترامب»

لماذا تركّز واشنطن على الاستقرار في الدرجة الأولى؟

لا أحد يستطيع فرض التوطين على لبنان

روسيا تضغط لإنجاح التفاوض بعد كسر عزلتها الدولية

هل تُعيد واشنطن النظر في تنازلها لموسكو في سوريا؟

ثلاثة احتمالات «تحكم» المرحلة المقبلة.. رئاسياً

أجواء جديدة في المنطقة قد تُنجب رئيساً

التنافس ينحصر بين واشنطن وموسكو.. وليس مع طهران

الحوار حول المنطقة لم يبدأ.. رغم مسار «النووي»

الرهان على نتائج التدخل الروسي «رئاسياً».. فاشل

إيران لن تُعطى في لبنان.. لكنها تحفظ مصالحها

تسويات تُحضَّر في المطابخ الدولية

تطورات عسكرية قريبة «تفرز» وقائع جديدة في سوريا

محاسبة «الكيماوي» السوري بعد محاصرة «النووي» الإيراني

تقدُّم المعارضة في المواجهة يُعيد «جنيف 1» الى الواجهة

روسيا حاولت درء مخاطر إعلان فشل تحرّكها مع السوريين