يبرود.. أم المعارك لم تبدأ بعد

فادي الداهوك (المدن)

سهلٌ جداً هو التسويق لمعركة يبرود بخطاب، أو اتهامٍ، غريب، متعصب، تكفيري، لأهلها بأنهم “يهود”، أو حتى بأغنية تحسم نصراً أو جولة، في معركة للتو بدأت.

المجريات على الأرض، بعيدة عن السلم الموسيقي الذي لُحّنت عليه أغنية “احسم نصرك في يبرود”، لا بل أن القرار في دخول المعركة، له ردٌ وجواب أعلى، إن ما انصت اللبيب، سيسمعه من مدينة يرفع فيها الآذان، في الجامع القديم، على مقام البياتي، وترد عليه أجراس كنيسة السيدة على بعد أمتارٍ قليلة. أو ربما إن أحب أن يعرف، أو يرى، أو يسمع، أن المسيحيين صاموا في رمضان 2012، وأفطر المسلمون في مطرانية مدينة عمرها يقاس بعمر الناس الذين قطنوا كهوفها.

منذ خمسة أيام، يتلقى جيش النظام السوري، وقوات حزب الله، ضربات الجيش الحر، على جبال القلمون. ولعل أهم ما حصل، كان الأحد، بعدما تمكنت قوة من حزب الله برفقة عناصر للنظام، التسلل بنجاح من محور قرية السحل، في منتصف الطريق تقريباً بين مدينتي يبرود والنبك، لتتمركز خلف إحدى التلال.

تسلل عناصر حزب الله إلى تلك المنطقة لم يكن بسبب ثغرة أو ضعفٍ ما، إذ أنه، وبحسب المكتب الإعلامي للقيادة العسكرية الموحدة في القلمون، وما يظهره مقطع مصور بثه المكتب الإعلامي على موقع “يوتيوب”، كان كميناً نصبته الفصائل المسلحة، لعناصر الحزب وقوات النظام، أثمر عن استعادة المحور والتلة بالكامل، بعد تدمير دبابتين، بصواريخ “كونكورس”، وقتل كل العناصر التي تسللت إلى التلة من الحزب والنظام.

محاولة التسلل تلك، كانت في سياق محاولة ثانية، فشلت أيضاً. من جهة قرية ريما، تعثّر عناصر الحزب والنظام بالألغام التي كانت مزروعة في الطريق الذي سلكوه، ما استدعى قيام النظام بتنفيذ غارات جوية على قلب يبرود وقرية السحل، إذ قصف المنطقتين بستة صواريخ.

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها “المدن” من المكتب الإعلامي للقيادة العسكرية الموحدة في القلمون، فإن ما يضفي صعوبة، على المهمة الصعبة أصلاً، لقوات النظام وحزب الله في اقتحام يبرود، وبمعزل عن الطبيعة الجغرافية القاسية، هو تماسك سلسلة من المناطق في القلمون، تسيطر عليها الفصائل المسلحة، وهي عسال الورد، رنكوس، جيرود، في مقابل، دير عطية والنبك اللتين سيطرت عليهما قوات النظام أواخر العام الماضي، وتعتبران حالياً منبع عمليات ضد الفصائل المسلحة من قبل قوات النظام، التي تتخذ من مناطق جراجير وريما ودنحة والسحل محاور للتقدم.

وكانت القيادة العسكرية الموحدة في القلمون، أصدر بياناً قالت فيه إن “27 جندياً من قوات الأسد وحزب الله قتلوا بنسف دباباتهم وبانفجار ألغام أرضية قام الثوار بزرعها في وقت سابق”، في حين أشار البيان إلى أن خسائر الفصائل المسلحة كانت “4 شهداء من بينهم شهيدان من حمص”.

ويصف الكثير من المراقبين، معركة يبرود، أنها “أم المعارك”، التي ما تزال في مرحلة جس النبض واكتشاف قدرات الجيش الحر، الذي يخوض هذه المعركة بالدبابات والصواريخ، لعل “الكونكورس” أبرزها.

ولا بد من التأكيد أن التهتك الذي تعاني منه جبهات الريف الدمشقي، يجعل من الصعب جداً توقع نتائج مثل هذه المعارك، ولا سيما أنها تأتي، على وجه الخصوص، في يبرود، للسيطرة على أهم موقع جغرافي في منطقة القلمون، قرب الأوتوستراد الدولي الذي يربط العاصمة دمشق مع الجزء المتوسط والخط الساحلي من البلاد، إضافة إلى كونه خط إمداد غزير للنظام، إذا ما فقده تتغير الكثير من الموازين وتضيق ساحة القتال عليه.