إسرائيل مع نزع الكيماوي من دون حسم معركة سوريا

ثريا شاهين (المستقبل)

يسود الحذر والترقب المرحلة الفاصلة عن ما يمكن بلوغه من آلية للحل في سوريا من خلال الاتصالات واللقاءات الأميركية الروسية. ويبدو أن الأسبوعين المقبلين سيحددان اتجاه الوضع. إذ من الممكن السير في حلول غير عسكرية، كما أنه من الممكن في اللحظة الأخيرة أن تنقلب الأمور وتعود الضربة مجدداً إلى الواجهة.

إنما من المهم جداً في هذه المرحلة الفاصلة، وفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة، الموقف الإسرائيلي، لأن العامل الإسرائيلي يدخل دائماً على خط أزمات المنطقة، كما يدخل في خلفية المواقف الدولية حيال قضايا المنطقة، ولا سيما حالياً حيال الوضع السوري. وهنا يُطرح السؤال: هل إسرائيل خائفة فعلاً من الضربة ومفاعيلها؟.
إسرائيل أبلغت أكثر من طرف دولي أنه في حال حصول ضربة، فإنّها لن تتدخل في أي عمل عسكري ضدّ سوريا، كما أنها لن تتدخل حتى لو أصابتها صواريخ متفرقة. إنما إذا استهدفت بضربات قوية سترد وستتدخل. إنها الآن تراقب الأوضاع، وتعتبر أن أمنها أهم ما في أولوياتها، والأهم أن لا تُستهدف بضربة كبيرة.
ما يظهر منذ أن أحال الرئيس الأميركي باراك أوباما قرار الضربة إلى الكونغرس، ومنذ أن عمد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى أخذ رأي مجلس العموم، هو أن الضربة التي كان يُخطط لها لتكون محدودة ستتخذ أبعاداً كبيرة، وقد تتمدد وتستتبع بنتائج متنوعة، ولن تكون ضربة لبقعة واحدة وتنتهي فوراً وإلا لكانت حصلت. الموضوع لم يعد سهلاً، لأن الدول تأكدت أن شكوكاً كبيرة تنتاب من يقوم بها حول مصيرها وتداعياتها، فكان القرار بالعودة الى الكونغرس الذي جمد طلب موافقته حالياً، بعد بروز المبادرة الروسية.
لا يزال البديل عن الرئيس السوري بشار الأسد يخيف إسرائيل بحسب المصادر، وهناك تساؤلات داخلها حول أن مَن سيأتي هل سيكون أفضل أو أسوأ بالنسبة إليها، وعلى أساس كيف تحسبها لمصلحتها ستتعامل مع ردة الفعل الدولية على استعمال الكيماوي في سوريا. الأفضل لإسرائيل حتى الآن استمرار حرب الاستنزاف في سوريا. هناك خوف من معركة حلب وما قد تؤدي اليه من انتصار للنظام، ما يعني أنه استطاع تعويم نفسه وأن الثورة قد فشلت. إسرائيل تريد الأفضل بالنسبة لها وهو عدم الحسم، وأي ضربة تريد منها ضمان استمرار الحرب السورية، مع العمل الدولي لتدمير الترسانة الكيماوية السورية التي تهدد أمنها.
وتشير المصادر الى أن أي طرف دولي بما فيه الروس لم يلمسوا لدى واشنطن استماتة لإنهاء النظام السوري، لأن مثل هذا القرار لم يصدر بعد. وبالتالي هناك حذر إسرائيلي في المرحلة الحاضرة، لدراسة ما إذا كان التصعيد ضد النظام أفضل أم هو مسألة سيئة نسبة لمصلحة إسرائيل. هناك ثلاث نظريات في إسرائيل، الأولى تقول بأنه يجب الانتهاء من النظام وكيفما كان، ما سيأتي بعده سيكون أفضل منه. والثانية تقول إن الوضع السوري الحالي من المعارك والاقتتال والتدمير هو أفضل. والثالثة يجب مساعدة النظام بطريقة غير مباشرة طبعاً لإعادة بسط سلطته لأنه كان أفضل لإسرائيل.
وتلفت المصادر الى أن التردد الأميركي في إقرار الضربة سببه عدم حسم إسرائيل لموقفها ولميولها. الجمهوريون الذين يتأثرون باللوبي اليهودي في غالبيتهم ينحون إلى معارضة الضربة، والآراء في الكونغرس ليست ثابتة، لا يزال الأفضل لإسرائيل “الستاتيكو السوري”، حيث مناطق مقسومة والسنّة والمتطرفون والعلويون يتقاتلون، والنظام ضعيف ومشغول بمصيره، و”حزب الله” حذر ويحول كل طاقاته إلى الوضع السوري، والإيراني يتم استنزافه بالوضع السوري. كل أعداء أميركا وإسرائيل يتقاتلون في سوريا، والأفضل إطالة أمد هذا الوضع، وبالتالي موضوع الضربة في أحد جوانبه يندرج في هذا الإطار.
وتطرح المصادر تساؤلات حول أسباب فتح موضوع الكيماوي بالتزامن مع توقع البدء بمعركة حلب مع أن الكيماوي استعمل للمرة الرابعة عشرة في سوريا. ويبدو أن الولايات المتحدة رأت أن النظام سيحسم معركة حلب فأرادت العرقلة لذلك. وأي إنهاء للمعركة السورية يعني أن هناك سرعة في العودة إلى الانتقام من الولايات المتحدة لسياستها في المنطقة. الفوضى الخلاقة التي تحدث عنها نائب الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، ديك تشيني، هي الأفضل إذ بدلاً من أن يقاتل كل هؤلاء المتطرفين الولايات المتحدة يقاتلون بعضهم ويذهبون الى الجنة قدر ما يريدون.
إنها مرحلة إطالة أمد عدم الحسم قدر المستطاع.

اقرأ أيضاً بقلم ثريا شاهين (المستقبل)

“الغموض” الاميركي يُقوّي نفوذ روسيا وإيران في المنطقة

الحريري في موسكو لدرء مخاطر التسويات الكُبرى

تفاوض أميركي- روسي على «وقع» الضربة في سوريا

روسيا تُعدّ ورقة تفاوض لمحادثات جنيف السورية في شباط

الملف الإقليمي ينتظر «ربيع ترامب»

لماذا تركّز واشنطن على الاستقرار في الدرجة الأولى؟

لا أحد يستطيع فرض التوطين على لبنان

روسيا تضغط لإنجاح التفاوض بعد كسر عزلتها الدولية

هل تُعيد واشنطن النظر في تنازلها لموسكو في سوريا؟

ثلاثة احتمالات «تحكم» المرحلة المقبلة.. رئاسياً

أجواء جديدة في المنطقة قد تُنجب رئيساً

التنافس ينحصر بين واشنطن وموسكو.. وليس مع طهران

الحوار حول المنطقة لم يبدأ.. رغم مسار «النووي»

الرهان على نتائج التدخل الروسي «رئاسياً».. فاشل

إيران لن تُعطى في لبنان.. لكنها تحفظ مصالحها

تسويات تُحضَّر في المطابخ الدولية

تطورات عسكرية قريبة «تفرز» وقائع جديدة في سوريا

محاسبة «الكيماوي» السوري بعد محاصرة «النووي» الإيراني

تقدُّم المعارضة في المواجهة يُعيد «جنيف 1» الى الواجهة

روسيا حاولت درء مخاطر إعلان فشل تحرّكها مع السوريين