التنازلات الصعبة تهدّد التفاوض الفلسطيني ـ الإسرائيلي

ثريا شاهين (المستقبل)

تستبعد مصادر ديبلوماسية أن يحقق التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي الذي استؤنف الثلاثاء الماضي في واشنطن بعد توقف دام ثلاث سنوات، تقدماً جوهرياً. ذلك أنّ من الصعب على الطرفين تقديم تنازلات، مع أنّ وزير الخارجية الأميركي جون كيري نجح في إقناع الطرفين بالعودة إلى التفاوض وقدّم لهما ضمانات معينة.

الصعوبة في نجاح المفاوضات تكمن في أنّها تحتاج إلى تنازلات أساسية، لا سيما من إسرائيل. لكن إسرائيل تعتبر وفقاً للمصادر، أنّ على الفلسطينيين تقديم التنازلات في هذا الجو القاتم في المنطقة سورياً ومصرياً ومن ناحية حركة “حماس”. إذاً بعد الانقلاب الأخير في مصر، لا مصلحة لهذه الحركة الدخول الفلسطيني في مفاوضات السلام. ويذكر أنّ مصر كانت العباءة التي حضنت “حماس”، وأي إيجابية من الرئيس الفلسطيني محمود عباس في التفاوض، ومن منظمة التحرير ستعتبره الحركة أنه تخلٍ عن الحقوق. وفي كل هذا الجو لن يكون هناك تنازلات فلسطينية. وفي الأساس لم يعد للفلسطينيين ما يتنازلون عنه. وما عودتهم إلى طاولة التفاوض، إنّما للحفاظ الأميركي على ماء الوجه الفلسطيني. أي إنّهما في الشكل هما يتفاوضان على الطاولة.

وإسرائيل لن تقدم تنازلات مجانية، لكن الأميركيين قد يبقون على مسار التفاوض حياً في الشكل على الأقل وليس في المضمون، لإعطاء انطباع أنّهم يقومون بكل ما يستطيعون لتقديم إنجاز أو تقدّم فعلي في العملية السلمية. وبالتالي، لن تخرج هذه المفاوضات بنتيجة حقيقية. إسرائيل ليست مستعدة أن تقدم تنازلات، إلاّ بفعل ضغوط أميركية وأوروبية فعلية، إن عسكرياً أو اقتصادياً، أو عقوبات. ومن دون ذلك لا تغيير حقيقياً في مواقفها.

الفلسطينيون كانوا اشترطوا وقف الاستيطان للعودة إلى التفاوض. لذلك ترجح المصادر، أن يكون التفاهم الذي يتم بين كيري والطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لاستئنافها، هو ألا تكون هناك رخص جديدة للبناء الاستيطاني. هذا كان الإخراج لعودة الفلسطينيين وإسرائيل إلى الطاولة، والاثنان لهما مصلحة بعدم إعلان أسباب عودتهما والضمانات التي أعطيت. إذ إنّ الضغط مُورس على الفلسطينيين، وإعلان ذلك يشوّش على العملية، وإسرائيل ليس لديها مصلحة بالإعلان، لأنّ الشارع الإسرائيلي متطرّف ولا يوافق على وقف الاستيطان، والحكومة الإسرائيلية حكومة يمينية متطرّفة، لا بل إنها أكثر تطرّفاً من حكومات أخرى. مع الإشارة إلى أنّ كل الحكومات الإسرائيلية متطرّفة. وذكرت المصادر أنّ إسرائيل وافقت على استئناف التفاوض لأنّها لن تصدر رخصاً جديدة للبناء، لكن إذا ما اعتبرت أنّ المفاوضات فشلت في وقت لاحق، فهي ستعيد إصدار الرخص،

وتكون بذلك لم تتخذ قرار وقف أو تجميد الاستيطان. وطالما لم توقف الاستيطان فهي لم تتنازل فعلياً.
الموقفان الأميركي والأوروبي في حاجة إلى تغيير حقيقي إذا ما أرادوا التوصل إلى نتيجة للتفاوض، لأنّهما الطرفان الأكثر دعماً لإسرائيل. لقد اتخذا قراراً إيجابياً بمنع استيراد إنتاج المستوطنات في الضفة الغربية. لكن هذا القرار لا يغيّر سياسة إسرائيل، والتغيير يحتاج إلى ضغط أكبر وذي قيمة، للتوصل إلى الحل.

الولايات المتحدة في محاولتها لاستئناف التفاوض على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، تخشى من انتفاضة جديدة في الأراضي الفلسطينية، في إطار أنّ كل المنطقة تتظاهر وتقوم بثورات. لذا هناك خوف من انفجار في الأراضي الفلسطينية هو السبب الرئيسي للسعي للتفاوض. حتى إنّ أي فشل للتفاوض سيولد إحباطاً لدى الفلسطينيين، وسيزيد الأمور تعقيداً، على مستوى ردّة فعل الفلسطينيين.

على المسار السوري الإسرائيلي هناك صعوبة في بدء تفاوض سلمي، نظراً إلى الوضع في سوريا، وإلى أنّ لا قيمة للتفاوض من أجل التفاوض.

لبنان ليس في حاجة إلى التفاوض، إنّما على إسرائيل تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالحقوق العربية، وإذا ما نفذت عندها يأخذ لبنان حقوقه عبر انسحاب إسرائيل من الأراضي التي لا تزال تحتلها في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والنقاط الحدودية الثلاث. ولبنان معني بموضوع اللاجئين الفلسطينيين ومصيرهم نظراً لوجود لاجئين على أرضه. وحفظ حقوقه يكمن في عودة اللاجئين إلى ديارهم عبر حق العودة ورفض التوطين، ولا حل إذا لم ينفذ ما يحفظ حقوق لبنان، وهذا جزء من المبادرة العربية للسلام التي يتمسك بها العرب كأساس لأي عملية سلام في الشرق الأوسط.

اقرأ أيضاً بقلم ثريا شاهين (المستقبل)

“الغموض” الاميركي يُقوّي نفوذ روسيا وإيران في المنطقة

الحريري في موسكو لدرء مخاطر التسويات الكُبرى

تفاوض أميركي- روسي على «وقع» الضربة في سوريا

روسيا تُعدّ ورقة تفاوض لمحادثات جنيف السورية في شباط

الملف الإقليمي ينتظر «ربيع ترامب»

لماذا تركّز واشنطن على الاستقرار في الدرجة الأولى؟

لا أحد يستطيع فرض التوطين على لبنان

روسيا تضغط لإنجاح التفاوض بعد كسر عزلتها الدولية

هل تُعيد واشنطن النظر في تنازلها لموسكو في سوريا؟

ثلاثة احتمالات «تحكم» المرحلة المقبلة.. رئاسياً

أجواء جديدة في المنطقة قد تُنجب رئيساً

التنافس ينحصر بين واشنطن وموسكو.. وليس مع طهران

الحوار حول المنطقة لم يبدأ.. رغم مسار «النووي»

الرهان على نتائج التدخل الروسي «رئاسياً».. فاشل

إيران لن تُعطى في لبنان.. لكنها تحفظ مصالحها

تسويات تُحضَّر في المطابخ الدولية

تطورات عسكرية قريبة «تفرز» وقائع جديدة في سوريا

محاسبة «الكيماوي» السوري بعد محاصرة «النووي» الإيراني

تقدُّم المعارضة في المواجهة يُعيد «جنيف 1» الى الواجهة

روسيا حاولت درء مخاطر إعلان فشل تحرّكها مع السوريين