الفصل بين الجناحين العسكري والسياسي “شعرة معاوية”.. الأوروبية!

ثريا شاهين (المستقبل)

أبدت مصادر ديبلوماسية بارزة شكوكاً في أن يتراجع “حزب الله” عن قراره المشاركة في الأعمال القتالية في سوريا كنتيجة للقرار الأوروبي إدراج جناحه العسكري على لائحة الإرهاب. ورتب تدخّله هناك نتائج أبرزها أن لا إجماع حوله في لبنان وبات الإجماع محصوراً بفئة من الطائفة الشيعية.

“حزب الله” لا يحميه إلا الإجماع اللبناني. لذا عليه تصحيح مساره وفقاً للمصادر ولو كان الإجماع مستمراً، لما استطاع أي طرف خارجي أن يتخذ القرار بحقه، ولما كان صدر القرار الأوروبي بوضعه على لائحة الإرهاب. وهناك فئة كبيرة من اللبنانيين لم تعد راضية عن أدائه.

الأرمن والأكراد وضعوا على لائحة الإرهاب الدولية عندما كانوا يغتالون زعماء أتراكاً، وأبقت الدول على ملاحقتهم واعتقال المطلوبين منهم الى أن أضعفتهم ثم ما لبثوا أن تنصّلوا من المهمات التي كانوا منغمسين فيها وخرجوا منها.

وإذا استمرت مطالبة الحزب بأن يكون شريكاً في الحكومة السياسية، وتم ذلك، فإن لبنان سيتأثر حتماً بطريقة غير مباشرة، إذ إن الأوروبيين سيضعون قائمة بالمنظمات والأشخاص الذين سيراقبونهم ويفتشون عن علاقتهم بالحزب، وقد يتأثر أشخاص أو منظمات لا علاقة لهم.

وقد يعتبر الأوروبيون أن أي وزراء من “حزب الله” داخل الحكومة هم من الجناح السياسي للحزب، الأمر الذي يبقي على خطوط اتصال معهم. ذلك أن ما يترتب على القرار يحتاج الى توضيحات من الأوروبيين حول كيف يمكن الفصل بين الجناح السياسي للحزب وجناحه العسكري، لأن من الصعب القيام بذلك. وفي كل الأحوال، جرى الفصل أوروبياً بين الاثنين بهدف الإبقاء على الحوار قائماً معه، بما يمثل “شعرة معاوية” الأوروبية، لا سيما حول الوضع اللبناني، والموضوع السوري، والتنسيق حيال مهمة القوة الدولية العاملة في الجنوب بموجب القرار 1701. ومن المعروف أن هذه القوة تعمل على الغالب في بيئة حاضنة للحزب.

وإقفال الباب نهائياً مع الحزب لن يكون مفيداً أمام أي دور أوروبي أو مسعى، لذلك كان الفصل من جهة، ومن أجل أن يكون الاجماع الأوروبي ممكناً حيال الحزب حيث كان بعض الدول الأوروبية رافضاً لوضعه على لائحة الإرهاب لا سيما إيطاليا وإيرلندا، فتم إيجاد الحل الوسط للخروج بالقرار من جهة أخرى. مع أن هذه الصياغة أخذت جدلاً أوروبياً كبيراً خلال المناقشة. ورجحت المصادر، أن كل دولة أوروبية ستطبق القرار بالشكل الذي ينسجم مع مصالحها الوطنية وسيعود إلى كل منها تقويم الموضوع، نظراً الى العنصر المبهم في القرار والذي سيبلور التعاطي مع تطبيقه صورة الوضع في العلاقة الأوروبية مع الحزب، الأمر الذي يوضح في ما بعد مفاعيله.

وسيتم بموجب القرار التضييق على كل جمعية ترسل أموالاً للحزب، وستحجز الأرصدة المالية للذين يعتبرون في الجناح العسكري ويمنعون من دخول أوروبا. على أن المصادر، تشير الى أن لا أرصدة مالية للحزب في أوروبا، وأن نواباً من الحزب كانوا يزورون أوروبا، والنائب سيعتبر في الجناح السياسي مبدئياً. مع الإشارة إلى أن “حزب الله” يعتبر نفسه أنه كله جناح عسكري لأنه حركة مقاومة، ما يعني أن الخط الرفيع بين الجناحين العسكري والسياسي، سيؤدي الى حصول استنسابية في الاعتبار. ويبقى السؤال الأساسي “ما الفارق بين الجناح العسكري والآخر السياسي في الحزب؟”.

السبب الأساسي في الإجراء الأوروبي هو تدخل الحزب في سوريا. بريطانيا وهولندا أدرجتا الجناح العسكري للحزب على اللائحة الإرهابية منذ سنوات. القرار من المؤكد أنه رسالة سياسة كبيرة، لكن الأنظار تتجه إلى رد الحزب عليه وإلى الطريقة التي سيتم من خلالها التعامل مع الأوروبيين من الآن وصاعداً.

فهل سيستكمل التواصل مع الأوروبيين، ويفتح لهم أبوابه؟ وهل سيستمر في التنسيق معهم على المستوى ذاته الذي كان قبل القرار، وهل تبقى الاتصالات بالحماسة ذاتها معهم؟ وهل سيعتبر الحزب أن الموقف الأوروبي، والموقف الخليجي الذي سبقه، هما فعلاً كلفة أدائه في سوريا وثمن سياسي لذلك؟ أم سيعتبر أن ما يحققه في سوريا أعظم وأهم بكثير من الكلفة الأوروبية والخليجية التي يتكبدها وكان تكبدها بالنسبة الى الأميركيين الذين وضعوا اسمه منذ سنوات على لائحتهم الإرهابية؟ مصادر ديبلوماسية، تشير الى أن “حزب الله” سيبقى على تنسيقه مع الأوروبيين مثلما كان قبل القرار، وليس من مانع لذلك، لا سيما وأنه يعتبر أن القرار اتخذ تحت الضغط، وأنه لا يزال في لبنان له مصلحة بالاستقرار خصوصاً ما يتصل بمهمات “اليونيفيل” التي تنسق في الأساس مع الجيش اللبناني.

اقرأ أيضاً بقلم ثريا شاهين (المستقبل)

“الغموض” الاميركي يُقوّي نفوذ روسيا وإيران في المنطقة

الحريري في موسكو لدرء مخاطر التسويات الكُبرى

تفاوض أميركي- روسي على «وقع» الضربة في سوريا

روسيا تُعدّ ورقة تفاوض لمحادثات جنيف السورية في شباط

الملف الإقليمي ينتظر «ربيع ترامب»

لماذا تركّز واشنطن على الاستقرار في الدرجة الأولى؟

لا أحد يستطيع فرض التوطين على لبنان

روسيا تضغط لإنجاح التفاوض بعد كسر عزلتها الدولية

هل تُعيد واشنطن النظر في تنازلها لموسكو في سوريا؟

ثلاثة احتمالات «تحكم» المرحلة المقبلة.. رئاسياً

أجواء جديدة في المنطقة قد تُنجب رئيساً

التنافس ينحصر بين واشنطن وموسكو.. وليس مع طهران

الحوار حول المنطقة لم يبدأ.. رغم مسار «النووي»

الرهان على نتائج التدخل الروسي «رئاسياً».. فاشل

إيران لن تُعطى في لبنان.. لكنها تحفظ مصالحها

تسويات تُحضَّر في المطابخ الدولية

تطورات عسكرية قريبة «تفرز» وقائع جديدة في سوريا

محاسبة «الكيماوي» السوري بعد محاصرة «النووي» الإيراني

تقدُّم المعارضة في المواجهة يُعيد «جنيف 1» الى الواجهة

روسيا حاولت درء مخاطر إعلان فشل تحرّكها مع السوريين