“الخارجية” الأميركية والمجلس القومي يضغطان على أوباما للتدخّل في سوريا

ثريا شاهين (المستقبل)

أهمية تعيين ديفيد هيل سفيراً للولايات المتحدة الأميركية في بيروت، تنبثق من أنه يعرف لبنان جيداً كما يعرف المنطقة، وستكون نصائحه التي سيرفقها بتقاريره من بيروت مهمة كما رؤيته، وستؤثر في القرارات التي ستتخذها الإدارة الأميركية حيال الوضع اللبناني، مع أن تغيير السفير جاء في إطار عادي حيث يحصل ذلك كل ثلاث سنوات، وأنه هو في النهاية لا يضع السياسة الخارجية بل يطبقها.

لا تزال الإدارة الأميركية في طور إجراء التعيينات في المراكز، لا سيما تلك الحساسة، بعد بدء الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما. السفيرة الأميركية السابقة في الأمم المتحدة سوزان رايس التي تسلّمت أخيراً رئاسة مجلس الأمن القومي الأميركي، لا تعارض التدخل الأميركي في سوريا خلافاً لسلفها الذي كان يعارض التدخّل بشدة، لذا هناك توقّع لتغيير ما في السياسة الخارجية حول سوريا قد يكون تجلّى أخيراً في قرار تسليح المعارضة السورية. رايس هي التي أقنعت الرئيس بالتدخّل في ليبيا، ما ساعد في التغيير في هذا البلد. كما أن المسؤولة البارزة في مجلس الأمن القومي سامنتا باول التي عيّنت أخيراً، تؤيد بشكل عام التدخّل لأهداف إنسانية وهي اشتهرت بهذا المنحى، أي حيث هناك جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية. ومن بين التعيينات تعيين مديرة الشرق الأوسط في الخارجية سفيرة لدى ليبيا، كما أن السفير في سوريا،

وهو بات غير مقيم لكنه مسؤول عن ملف سوريا، سيتم تعيين خلف له لأن مهمته ستنتهي قريباً.

المسألة الأساسية في التغيير، وفقاً لمصادر ديبلوماسية، هي تسليح المعارضة السورية. بعد هزيمة القصير والهزائم الأخرى، والاجتماعات التي عقدت وخلية الأزمة انطلق هذا التوجه، في ظل هزائم أخرى للمعارضة. فتم الانفتاح على المعارضة المسلحة بعدما كان الانفتاح على المعارضة المدنية فقط، وحيث كانت واشنطن تقول دائماً أنها لا تعرف المعارضة، ولا تعرف الى أين يصل السلاح في حال زوّدت به. تريد واشنطن الآن تغيير الوضع الميداني على الأرض بهدف الوصول الى الحل السياسي بعد توسيع نفوذ المعارضة أي أنها تعتقد أن على المعارضة تحقيق انتصارات ميدانية لتغيير الوضع لكي يصبح الحل السياسي ممكناً. القرار اتخذ لكن مداه السياسي غير واضح المعالم بعد، مع أن واشنطن تتمنى العودة الى مجلس الأمن، لكن في ظل القرار الروسي بعدم تمرير أي شيء للغرب حول سوريا، وحيث لا رجوع في المرحلة الراهنة عن هذا القرار، لن تحصل أي عودة إليه. وأي دعم أميركي بالسلاح يعني أن أي طرف لن ينتصر، ولن يتم تقديم أي دعم كاف لانتصار أي فريق في سوريا، مطروحة لكن من دون قرار واضح لأنه مكلف لدى التنفيذ، وأنه غير قابل للتطبيق في إطار مجلس الأمن، وأي قرار سيكون من خارج المجلس وهنا تكمن صعوبته.

ليس هناك من موقف جديد بالنسبة الى الوضع اللبناني. يهم واشنطن أن يحافظ لبنان على الاستقرار، وهي تتخوّف من الحوادث المتنقّلة ومن التيارات المتطرّفة التي تظهر. كانت الإدارة ضد تأجيل الانتخابات النيابية أو تفهّمت تأجيلاً تقنياً لفترة بسيطة، لكنها منذ مدة كانت متأكدة أن استمرار الوضع في سوريا سيُصعّب إجراء الانتخابات في لبنان نظراً الى خطورته، لكنها في المبدأ لا تؤيد التأجيل. هناك تخوّف أميركي من استمرار عدم تشكيل الحكومة واستمرار المراوحة في ذلك، وهي للأسباب ذاتها التي جعلتها تدعو سابقاً الى تأمين التفاهم حول حكومة جديدة قبل استقالة الحكومة الحالية. والتخوّف هو من استمرار الصراع لوقت طويل في سوريا، والأفضل أن يكون للبنان حكومة من أن لا تكون، مع أن هذا الموضوع داخلي.

وعن عملية السلام في الشرق الأوسط، لم يحصل أي اختراق في المساعي الأميركية في هذا الشأن. انزعجت واشنطن من استقالة رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض، لكن خلفه استقال أيضاً. بالنسبة إليها، فياض معروف من جانبها نظراً الى أنه عمل في البنك الدولي وفي التعاون الاقتصادي والمالي، كما أنه ليس هناك من نية إسرائيلية للدخول في السلام بجدية لتحقيق تقدم.

لا يريد أوباما أن “يوجّع رأسه” في مسائل الشرق الأوسط على المستوى الاستراتيجي، وهو يعارض أي شكل من أشكال التدخّل في أي موقع فيه، مع أن كلاً من مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية يشجعانه على التدخّل الفعلي، لا سيما في سوريا. لا يزال أوباما يتّبع سياسة انسحابية في ظل انسحابه من العراق وأفغانستان، ولا يريد الدخول في أي مسألة. استراتيجياً وعلى المدى الطويل لا يهمه الشرق الأوسط، والسبب الإضافي لعدم الاكتراث هذا هو أن الإدارة اكتشفت أن لدى الولايات المتحدة مخزوناً كبيراً من النفط سيتم استخراجه من الآن وحتى 2020، وهذا ما يجعل الدولة العظمى في وضع الاستغناء عن نفط المنطقة. وهو الأمر الذي يمنع الإدارة من القيام بأي شيء إضافي في سوريا.

إنما هناك وجهة نظر أخرى، وهي تتمثل بالخارجية ومجلس الأمن القومي، اللذين يدعوان الى التدخّل، على أساس أن هناك الدور الإيراني في المنطقة وكل ما يحصل حيال سوريا يصبّ في خانة مدى إضعاف إيران أو تقويتها. وإذا ما انتصرت إيران تصبح قادرة على التحكّم بسوق النفط الدولي، فضلاً عن السياسة في المنطقة. النظرة الأولى أي الرئاسية تقول لماذا يجب أن تدافع واشنطن عن سوق النفط العالمي؟

اقرأ أيضاً بقلم ثريا شاهين (المستقبل)

“الغموض” الاميركي يُقوّي نفوذ روسيا وإيران في المنطقة

الحريري في موسكو لدرء مخاطر التسويات الكُبرى

تفاوض أميركي- روسي على «وقع» الضربة في سوريا

روسيا تُعدّ ورقة تفاوض لمحادثات جنيف السورية في شباط

الملف الإقليمي ينتظر «ربيع ترامب»

لماذا تركّز واشنطن على الاستقرار في الدرجة الأولى؟

لا أحد يستطيع فرض التوطين على لبنان

روسيا تضغط لإنجاح التفاوض بعد كسر عزلتها الدولية

هل تُعيد واشنطن النظر في تنازلها لموسكو في سوريا؟

ثلاثة احتمالات «تحكم» المرحلة المقبلة.. رئاسياً

أجواء جديدة في المنطقة قد تُنجب رئيساً

التنافس ينحصر بين واشنطن وموسكو.. وليس مع طهران

الحوار حول المنطقة لم يبدأ.. رغم مسار «النووي»

الرهان على نتائج التدخل الروسي «رئاسياً».. فاشل

إيران لن تُعطى في لبنان.. لكنها تحفظ مصالحها

تسويات تُحضَّر في المطابخ الدولية

تطورات عسكرية قريبة «تفرز» وقائع جديدة في سوريا

محاسبة «الكيماوي» السوري بعد محاصرة «النووي» الإيراني

تقدُّم المعارضة في المواجهة يُعيد «جنيف 1» الى الواجهة

روسيا حاولت درء مخاطر إعلان فشل تحرّكها مع السوريين