“وردة” المختارة بين “المعلم” و”الزعيم”

صبحي أمهز (اي نيوز)

ضريح مُزهر، وزهرة على ضريح. تقليد سنوي كرسته المختارة في ذكرى ميلاد كمال جنبلاط. “فالمعلم” كما يعرفه “التقدميون”، فكر لم يمت بعد مرور 41 عاما على الإغتيال في 16 آذار 1977. فمن زهرة ضريح كمال جنبلاط يزهر صوتا سياسيا يعلو على رصاصات كاتمه.
الإغتيال الذي شكل ضربة “قاصمة” للحركة الوطنية آنذاك وضع في خانة أبرز تجليات مواجهة الحركة الوطنية اللبنانية مع “النظام السوري”، فكل المعطيات السياسية في حينها وجهت أصابع الإتهام نحو “سوريا”.
كمال جنبلاط الذي أعلن في الأول من أيار 1949، ميثاق “الحزب التقدمي الإشتراكي”، الساعي إلى بناء “مجتمع على أساس الديمقراطية الصحيحة تسود فيه الطمأنينة الاجتماعية والعدل والرخاء والحرية والسلم، ويؤمن حقوق الإنسان التي أقرها ميثاق الأمم المتحدة”، بقي حاضرا في كل مفاصل المشهد السياسي اللبنانية، مثل انتفاضة 1957-1958 ضد عهد الرئيس كميل شمعون، التي أدت إلى انتخاب فؤاد شهاب رئيسًا للجمهورية اللبنانية في أيلول عام 1958.
وعندما شنت اسرائيل حربها على الدول العربية عام 1967، وقف كمال جنبلاط إلى جانب مصر وسوريا والأردن، وأيّد قضية الشعب الفلسطيني. لكن المحطة الأساس في التاريخ السياسي لجنبلاط كانت بين 1975-1977، حيث قاد “الحركة الوطنية اللبنانية” معلنًا برنامج إصلاحٍ مرحلي للنظام السياسي في آب عام 1975، وتأسيس المجلس المركزي للأحزاب الوطنية التقدمية.
جنبلاط الذي اغتيل منذ 41 عاماً يرى محازبوه، “ان موته شكل انتصارا على الضعفاء”، من خلال حزب لا يزال حاضرا في السياسة المحلية منذ 75 عاما”. فبعد اغتياله، انتقلت الزعامة الجنبلاطية إلى ابنه وليد. ومنذ سنة تقريبا بدأ يسطع نجم حفيده تيمور. الظروف السياسية التي أحاطت تجربة “الزعيم” وليد جنبلاط مغايرة تماماً، حيث كان بعيدا عن السياسة وأُقحم في داخلها بعد اغتيال والده، فانتخب في 29 نيسان 1977 رئيسًا للحزب التقدمي الاشتراكي خلفا لكمال جنبلاط. لكن “الوليد” الذي أُدخل في السياسة بعد اغتيال والده، سرعان ما أصبح لاعبا أساسيا في السياسة اللبنانية. فشارك مع الرئيس نبيه بري كرئيس حركة امل بانتفاضة 6 شباط 1984 في بيروت التي اسقطت اتفاق 17 ايار بين لبنان وإسرائيل، كما كان له دور كبير في الحرب اللبنانية وبعهدها. وفي التاريخ الحديث كان من مطلقي “انتفاضة الإستقلال” 2005 بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، وكان من أبرز قادة حركة 14 آذار التي نادت بسيادة واستقلال لبنان ورفع الوصاية السورية عنه.
لم يعتزل جنبلاط العمل السياسي، بل اكتفى بالإبتعاد عن الندوة البرلمانية موجها ابنه تيمور ليكون الوريث الثاني لكمال جنبلاط . إلا أن تجربة تيمور يختلف ظرفها السياسي عن تجارب الأب والجد، ففيما ظروف الأوائل تداخل فيها السياسي بالعسكري إلا أن تجربة الأخير أتت بظرف شبه مستقر.
ففي الذكرى الأربعين لاغتيال كمال جنبلاط، قلّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في 19 آذار 2017، نجله تيمور الزعامة الدرزية، في احتفال شعبي حاشد شهدته بلدة المختارة، في صورة مماثلة للطريقة التي قلّد بها أهل الجبل الزعيم وليد جنبلاط القيادة عندما خلعوا عليه عباءة والده كمال بعد أيام على اغتياله.
وخاطب جنبلاط نجله بعدما وضع كوفية الزعامة على كتفيه “يا تيمور، سر رافع الرأس، واحمل تراث جدك الكبير كمال جنبلاط، وأشهر عاليا كوفية فلسطين العربية المحتلة، كوفية لبنان التقدمية، كوفية الأحرار والثوار، كوفية المقاومين لإسرائيل أيا كانوا، كوفية المصالحة والحوار، كوفية التواضع والكرم، كوفية دار المختارة”. وفي صيف 2018 دخل تيمور جنبلاط إلى الندوة البرلمانية، مفتتحا زعامة عهد حفيد كمال جنبلاط في السياسة.