إستقلال يوبيل لبنان/ بقلم رينا الحسنية

“أقسم بالله العظيم أن أقوم بواجبي كاملاً حفاظاً على علم بلادي ودوداً عن وطني لبنان”. بهذه الكلمات السّامية يَعد جيشنا الباسل وهو الجيش النظامي للجمهورية اللبنانية، حماية أرضنا ووطننا لبنان. لبنان الكرامة، الإنتماء، الوفاء، التضحية، الفداء، السكينة والحرية.فإن تسألني عن هويتي سأقول بكل فخر واعتزاز “لبنان”.

لبنانيتي عروبتي، أصلي، أرضي. تلك الأرض التي مرّت بأثقال كبيرة منذ مئات السنين، لكنها بقيت كالأرزة شامخة وصامدة بوجه الرياح والعواصف التي لطالما حاولت أن تكسرها ولكنها فشلت… فوطني ليس مجرّد المكان التي وُلدت وترعرعت فيه، بل هو التاريخ، هو الحياة والقضية معاً. الوطن هو الارتباط التاريخي بالشعب، فهذا الإلتحام يولد الهوية، الهوية التي تسكن وجدان الإنسان إلى الأبد. فوطني هو الراية التي لا تُطال، وذلك بفضل الجيش اللبناني الذي حارب وناضل من أجل إبادة الإستعمار.

خمسة وسبعون عاماً على زوال الإنتداب الفرنسي عن لبنان. خمسة وسبعون عاماً وجيشنا لم يستسلم. جيشنا الذي قدّم الكثير من الشهداء التي سالت دمائهم، فرحلوا لنبقى نحن. جيشنا الذي حرّر جرود لبنان من الإضطهاد. جيشنا الذي انتصر على العدوّ الإسرائيلي في العام 2000 وذلك بخروج آخر جندي اسرائيلي عن أرض لبنان. جيشنا الذي يسهّل مرور اللاجئين عبر الحدود. جيشنا الذي لم يرضخ للتقسيمات التي حاولت أن تسيطر على لبنان في شهر نيسان من العام 1975. نعم، جيشنا للشرف عنوان، شعار للتضحية والوفاء. فبحضوره الوطن مُصان، ولكن تبقى تلك الحرية التي يجاهد ويقاوم لأجلها جيشنا ناقصة، فاقدة لعذريتها. فعن أي حرية نتكلّم في زمن الاضطهاد، في زمن غابت عنه العدالة! عن أي حرية نتحدّث في زمن اغتصبت فيه السلطة الحاكمة حقوق الشّعب العنيد؟ عن أي حرية نتكلّم في زمن أضحت كل جهة سياسية تخضع لنفوذ دولة أخرى، فجهة تخضع لإيران وأُخرى للسعودية، للأسف جميعهم عملاء بطريقة أو بأخرى. تحدثونني عن الحرية في زمن أصبحت فيه حرية التعبير جريمة يعاقب عليها بالحبس.

في وطني لم يعد للحرية مذاق، فهي كالصّورة الشاحبة، بالأبيض والأسود، خالية تماماً من الألوان التي تليق به، فلم تترك له بقعة من الأرض إلاّ ولم تقطعها إرباً كقطع ألسنة المواطنين عن إقرارهم بحقّهم. فويلٌ لشعب يقطن في وطن ليس له، بل للزعماء. ذلك الشّعب الذي غرق بقذارة وأنانيّة حكّامه. عفوك يا وطني، لقد جفّ حبر قلمي ولم يعد بوسعي سوى أن أصونك بصلواتي كي تسترجع الحرية والإستقلال الحقيقي الذي يليق بك وبشعبك.
دعنا للزمن يا وطني، هو وحده الكفيل بتضميد الجراح. فلن نصبح شعباً إلا حين ننسى ما يلقننا به السياسيين. وكما يقول الكاتب محمود درويش: “عام يذهب وآخر يأتي وكلّ شيء فيك يزداد سوءاً يا وطني.” ولكن وعلى الرغم من كل هذا يسعدني أن أقول لك يا جيش وطني المقدام: ” تسلم يا عسكر لبنان يا حامي استقلالنا”!

غنى الوطن بغنى ترابه، ليس ببقايا دُفنت غدراً تحت ترابه…

(الأنباء)