لبنان يا قطعة سما/ بقلم خالد بركات

الأنانيّة مصدر كلّ شرّ والتضحية هي نبع المحبة والخير، ولذلك، فبدونها لا تنمو الأوطان، ولا يكون الإنسان رسول إِخاء وأَمان !

كل عيد وانتم بخير وإيمان واستقلال.
كل عيد فيه نفحة كأنها تأتي في وقت دقيق لتذكرنا بالرسالات السماوية، وهو من الإيمان والقناعة والواجب علينا ان لا ننساها لنتذكرها.
وكيف اذا كان هو عيد الفكر والوعي والحضارة.
وعيد مولد النبوي الشريف عيد تجليات العبادة في خلق الله.
نستذكر الصياغة الأولى لمجريات الحضارات، ونأسف على ما انتاب هذه الحضارات من ضعف وخذلان وتردٍّ وموت الإنسان في فوهة الفساد في الخلق والأخلاق وبين يديه ينبوع من المحبة والتسامح.
ويعيش صحراء الفكر وهو في واحة انشأها الإيمان بكوكبة من الأنبياء والقديسين. من المخلص السيد المسيح، إلى رسول الله خاتم الأنبياء النبي محمد (صلعم).

في عيد المولد النبوي الشريف، دُعي الشاعر اللبناني المسيحي المهاجر،
رشيدُ سليم الخوري الملقب بالشاعر القروي إلى حفل بمناسبة عيد المولد النبوي الذي أُقيم في مدينة سان باولو، وطُلب منه أن يُلقي كلمة فقال:
أيها المسلمون، أيها العرب،
يولد النبيُّ على ألسنتكم كلَّ عام مرةً، ويموت في قلوبكم وعقولكم وأفعالكم كلَّ يوم ألفَ مرةٍ.
ولو ولد في أرواحكم لولدتم معه، ولكان كلُّ واحد منكم محمداً صغيراً.
ولكان العالَمُ منذ ألفِ سنةٍ أندلساً عظيمة. ولالتقى الشرقُ بالغرب منذ زمن طويل. ولَعَقَدت المادةُ الغربية مع روح الشرق المسلم حلفاً.
ولمشى العقلُ والقلبُ يداً بيد، إلى آخر مراحل الحياة.
أيها المسلمون، يَنْسب أعداؤكم إلى دينكم كلَّ فِرْية، ودينُكم من بُهْتانهم براء.
ولكنكم أنتم تصدِّقون الفِرْية بأعمالكم، وتقرُّونها بإهمالكم.
دينُكم دينُ العِلْم، وأنتم الجاهلون .
دينُكم دينُ التيسير، وأنتم المعسِّرون .
دينُكم دينُ الحُسْنَى، وأنتم المنفِّرون.
دينُكم دينُ النصر، ولكنكم متخاذلون.
دينُكم دينُ الزكاة، ولكنكم تبخلون.
يا محمدُ، يانبيَّ اللهِ حقاً. يا فيلسوفَ الفلاسفةِ، وسلطانَ البلغاء.
ويا مَجْدَ العرب والانسانية.
إنك لم تقتل الروحَ بشهواتِ الجسد.
ولم تحتقر الجسدَ تعظيماً للروح.
فدينُك دينُ الفِطْرةِ السليمة.
وإني موقِنٌ أن الإنسانية بعد أن يئست من كلِّ فلسفاتِها وعلومِها، وقنطت من مذاهب الحكماء جميعاً؛ سوف لا تجد مخرجاً من مأزقِها وراحةِ روحِها، وصلاحِ أمرِها، إلا بالارتماء بأحضان الإسلام.
عندئذٍ يحق للبشرية في مثل هذا اليوم وكل الأيام أن تَرفع رأسَها.
وكي لا ننسى.
وأنا مع الكثر نقول: يا أهل أرضنا الطيبة. يا أهل الضمير والوعي. يا أرباب الوطن وشؤونه. يا شعبه الطيب وجيشه الباسل. يا أصدقاء وأحباب. يا زملاء في مدرسة الحياة. يا رفاق في دروب الوطن. يا عشاق ارضه وأرزه وبحره وسمائه. يا أخوة في التسامح. يا أتباع يسوع وأحفاد النبي.
نعم أناديكم وأقبّل أياديكم وجبينكم وأرجوكم.
لبنان يستحق منا التواضع والخشوع، وكأننا نصلي على مذبح أو راكعين بخلوة أو جامع. فليكن لبنان هو الصومعة لنا جميعاً.

وها قد أتى عيد الاستقلال.
وأي استقلال؟

ولنتكلم عن استقلال الفكر وتحرره من الجهل والجاهلية.
حبذا أن لا نجهل الإسلام والمسيحية ولا الإنسانية ولا الوطنية.
وتعالوا نتحد ونستقل عن كل ما من حولنا ونشعر باستقلالية ذاتنا، ولنبدل البؤس نعيماً، ولنبدل اليأس أملاً، ومن الشقاء سعادة ومن الفقر غنى، والغنى في الإيمان والوطنية.
نعم وحقاً أن لبنان على مفترق طرق من صعوبات اقتصادية ومالية وفقدان ثقة وللأسف.
وكلنا مؤمنون أن غنى لبنان أن يبقى عائلة واحدة، ولنصلّ لمعجزة في هذه الساعات العسيرة أن يستقل بقرار الاستقلال بالرأي ويبقى تحت رعاية ورحمة الله وحده.
ولكي لا يبقى تحت رحمة الأزمات والهزات الوطنية المقيدة بالمزاجية والكيدية، المحلية والدولية، ولم يكن هنا وهناك بد، والحالة هذه، من السؤال: هل يراد الاستمرار في الإبقاء على لبنان هذا المتأثر بما يدور حوله من قريب وبعيد، أم يجب التصميم وبحزم وبكل محبة على العمل من أجل لبنان حقاً مستقل معافى وصاحب قرار. ولنذكر ان في سن الـ١٨عاماً يصبح الأنسان راشداً نفسه، واستقلال لبنان بغض النظر عن آليته (آنذاك) قد أصبح عمره ٧٥عاماً، ألا يصبح مرشد نفسه.
وقد كتب على بطاقة الهوية “لبناني منذ أكثر من عشر سنوات”.
فيا احبائي والله إن لبنان لأكثر من عشرات ومئات السنين هو لبناني، فاعطوه الهوية الخاصة به وأعدكم أنه لن يستعملها إلا للتعريف عن نفسه أمام كل العالم ويفتخر.!! ويغني لبنان يا قطعة سما. حققولنا هالحلم قبل ما نطلع عالسما.!
نعم نحن بحاجة الى رسولية وليس إلى أنانية.
بحاجة الى استقلالية وليس إلى استغلالية.
بحاجة إلى تصور وليس الى تهور.
وإذا كان هذا قدرنا فلنفكر ونعمل بقدرتنا.
إلى أن نجد لبنان الذي نريد، ولا بل أكثر أن نصنع لبنان الذي نريد ونستحق.

(الأنباء )