إنتخابات نقابة أطباء الأسنان: ثورة على أداء الأحزاب والمؤسسات

د. وليد خطار

بالأمس خاض أطباء الأسنان استحقاقهم الانتخابي لثمانية أعضاء للمجلس ومن ضمنهم النقيب.

بالأمس بدأت معالم تغيير جدي ظهر في مزاج الناخبين وخياراتهم، وبانت نتيجته بعد فرز الأصوات.

بالأمس قال أطباء الأسنان كلمتهم، وانتخبوا طبيباً مستقلاً عن الجامعات والأحزاب نقيباً لثلاث سنوات مقبلة، بعد أن توالت الانتقادات على عمل النقابة في السنوات الثلاث المنصرمة.

عندما تجتمع الأحزاب، جميع الأحزاب والمؤسسات التعليمية، وتتفق على نقيب ولا تستطيع إيصاله، لا بد من وضع علامة استفهام كبيرة على السبب. وهذا ما حصل بالأمس في نقابة أطباء الأسنان في لبنان.

عندها يكون هناك خللٌ جللٌ في الأداء والالتزام، وطبعاً مردّه الى طريقة الخيار وسوء الأداء.

ويسألني أحد الرفاق المسؤولين: أيُعقل أن تجتمع جميع هذه الأحزاب المتناقضة والمؤسسات التعليمية ولا تستطيع إيصال نقيب؟

الحقيقة، هذا ما حدث في نقابتنا، ومن الممكن أن يحدث في غير نقابات، ويكون التغيير بدايته في هذه المؤسسات التي استباحتها الحزبية الضيقة والمذهبية المقيتة والقرارات الفوقية والتدخلات السياسية، والتي أدت إلى انفصال القاعدة النقابية عن قيادتها، فانعدمت الثقة واضمحلت الإنتاجية، وأصبحت أوضاع النقابات في أسوأ مراحلها.

نحن حزب من الأحزاب اللبنانية العريقة، ولكن موقف قيادة الحزب ورئيسه دائماً في موقع رعاية الخيار وليس التدخل في فرضه أو في تحديد تحالفات النقابات الانتخابية، بل كان التوجه دائماً صوب مصلحة النقابات بخيار يعتمد على معايير نقابية بحتة.

النقابات يجب أن تكون مؤسسات رائدة في مجتمعاتها، تحمل هموم أعضائها، تعمل من أجل تحسين أدائهم المهني وحمايتهم الاجتماعية وتنظيم مهنتهم، وتأمين معيشة لائقة لهم في شيخوختهم. ولطالما لعبت النقابات الدور الفاعل الرائد في تغيير الأنظمة البالية، وكانت رافعة لعامة أفراد الشعب في أدائها وعطائها.

النقابات في لبنان صورة مصغرة عن النظام اللبناني المحكوم بقيود طائفية وأعراف تمثيلية وتدخلات قوى سياسية تحاول فرض مفاهيمها وتطلعاتها المستقبلية على مواطنيها.

إن التغيير الذي تم في نقابة أطباء الأسنان يمكن أن يكون بداية الغيث في المهن الأخرى إذا توفر من بين أعضائها شخصية قائدة مسؤولة متحررة من الالتزامات الضيقة، متحررة من العصبية الدينية المقيتة، ومن الالتزام الحزبي الشوفيني، منفتحة على الجميع، وتعمل من أجل نقابة من الجميع وللجميع، عندها يعود الأمل بوطن واعد حر مستقل.

 

*عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الإشتراكي