البلد بخير… لا داعي للقلق

سامر ابو المنى

البلد بألف خير، نمو الاقتصاد في أعلى معدلاته، السياحة مزدهرة، السوق العقاري في أعلى نشاطه، التجارة والزراعة والصناعة تنافس الأسواق العالمية، الموازنة تسجل فائضًا قياسيًا، والشعب في بحبوحة، وها نحن نسير بإتجاه “المدينة الفاضلة”. فلا داعي لأن يقلق اللبنانيون على مستقبل أولادهم، ولا داعي للخوف من انهيار اقتصادي، ومن مجاعة أين منها مجاعة بدايات القرن الماضي.

فكل هذا الرخاء الذي نعيشه يحتّم على اللبنانيين الاسترخاء والاستلقاء والاطمئنان، والتوقف عن الانتقاد أو التململ أو الغضب. فما لهم أن يشغلوا عقولهم في سخافات، أو أن يتعبوا تفكيرهم في أمور لا شأن لهم بها؟.

صحيح أن هناك من لا يشغل باله سوى كيفة إرضاء طموحاته السياسية بالاستئثار بالسلطة والحكم، وتعزيز وجوده في أجهزة الدولة ليضمن استمرار هذا النعيم الذي نعيش فيه، وحماية الانجازات الوطنية التي حققها والتي بفضله وصل البلد الى العيش الرغيد. لكنّه في الوقت نفسه يحرص على صون كرامة المواطن من أي إهانة قد تأتيه من وراء البحار.

ولأن كل الأمور على أحسن ما يرام، فلمَ الحاجة الى حكومة وحدة وطنية، وما الداعي الى الحكم التوافقي، وما الحاجة الى التنوّع، ولماذا علينا التشاور والمشاركة في القرار، وفي إدارة شؤون الدولة، طالما أن هذه الدولة تسير برعاية الله وعبده على طريق الفردوس.

ولماذا التسليم بما أفرزته الانتخابات النيابية، طالما أن لا قيمة لنتائجها، وطالما أن القرار يصدر أحاديًا. ولماذا مشاركة كل الكتل في الحكم، ما دام هناك من يقرر عن الآخرين، ويفكر عنهم، ويرى عنهم، وربما يأكل عنهم، ويفرح عنهم تاركًا لهم فقط حرية البكاء؟!

فلا مشكلة إذا كانت كرامة المواطن “مدعوسة”، ما دامت كرامة الأمة تستدعي ذلك. ولا غرابة إذا طُلب من المواطن أن يكون ذليلاً، إن كانت عزّة الأمة تفترض سكوت الناس عن حقهم والقبول بالذل. فالبعض يريدنا ان نستبدل القول المأثور ليصير “الذلّ يعلو ولا يعلى عليه”، ويريد وضعنا في كهوف لننام ملء جفوننا، فهو وحده الأمين على الأمة ومقدساتها.

(الأنباء)