بعد الرسائل المتبادلة… هل تصمد تسوية “المستقبل” – “التيار”؟

لا يترك وزير الخارجية جبران باسيل مناسبة إلا ويستهدف فيها الأفرقاء المسيحيين. أوصلت مواقفه إلى جمع الخصوم لمواجهته. قد يكون باسيل مرتاحاً لمسار الأمور، إذ يرتكز على مبدأ التصعيد لشد العصب، واتباع منطق الضحية التي تحتاج إلى تعاطف، ولذلك يلجأ دوماً للإشارة إلى أنه مستهدف ويتعرض لمؤامرات، أو يتلطى خلف الرئيس ميشال عون باعتبار أنه كما استهدف عسكرياً في 13 تشرين 1990، يجري استهدافه سياسياً بالشائعات والأكاذيب، ويعتبر أن هناك من يريد عرقلة العهد، وعدم مكافحة الفساد وقطع الطريق على الإصلاح.
عاد باسيل إلى التصعيد حكومياً، وجدد مطالبته بالحصول على 11 وزيراً مع حصة رئيس الجمهورية، مقابل حصول القوات على 3 وزراء. يناقض باسيل كلامه في العلن مع كلامه في المجالس الخاصة. في الأولى يصعّد إلى أقصى الحدود، وفي الثانية يعتبر أن تصعيده يهدف إلى الضغط على القوات، ورفع السقف لانتزاع التنازلات والذهاب إلى إيجاد تسوية ترضي مختلف الأفرقاء. ولكن وسط الأجواء التي طرأت في الأيام الأخيرة، توحي مواقف باسيل أن الحكومة عادت إلى النقطة الصفر، باستثناء ما يمكن أن ينتج عن اللقاء الذي سيجمع بين الرئيس سعد الحريري والرئيس ميشال عون، إذ بادر الأول إلى الاتصال بالثاني والحديث في آخر التطورات والاتفاق على عقد لقاء خلال هذا الأسبوع. وبحسب ما تشير مصادر متابعة، فإن الحريري سيبحث مع عون في صيغة جديدة، ولكن بحال عدم الاتفاق بشأنها، فهذا يعني أن الأوضاع ستتعقد كثيراً، على أبواب التطورات الإقليمية المرتقبة.
وأكثر من ذلك، ذهب باسيل إلى تمرير مواقف أراد من خلالها الضغط على الحريري، إذ اعتبر أنه يتعرض للكثير من الضغوط الخارجية، وهذه إشارة منه إلى لقائه إلى جانب عون مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بحيث تركز اللقاء على أهمية تشكيل الحكومة وتنازل الأفرقاء. فارتأى باسيل الردّ على ذلك، على طريقته بعد أن ردّ عون بأن تشكيل الحكومة شأن لبناني ولم يذهب إلى أرمينيا ليتحدث بشأن الحكومة.
ردّ باسيل كان في توجيه رسالة إلى الحريري بأن الحل سيكون في بيروت، ولا داعي لطلب المساعدة من الفرنسيين، وقد تجلّى رده أكثر، حين قال إن التيار أبرم تسوية مع المستقبل ولكنها لكي تستمر تحتاج إلى تساوٍ في الحكم. التساوي في منطق باسيل يعني الخضوع لشروطه حكومياً، تحت شعار تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية، وتطبيق رغبة الفريق المسيحي القوي، وهذا ما يحقق التساوي.
ربيع سرجون – الأنباء