هكذا قرأ جنبلاط لعبة باسيل: ماذا عن القوات؟

منير الربيع (المدن)

ماذا يفعل الوزر جبران باسيل، أو في ماذا يفكّر؟ لا أحد في لبنان قادراً على الإجابة عن هذا السؤال. فبعد يوم من خروج الرئيس سعد الحريري متفائلاً في قرب تشكيل الحكومة، خرج باسيل مطيحاً بكل الصيغ، مطالباً بإعادة وضع معايير جديدة، تنسف المعايير التي اعتمدت منذ تكليف الحريري حتى اليوم. تكثر التكهنات في شأن مطالب باسيل، لكنها جميعها تلتقي عند نقطة واحدة، وهي الكباش الذي يخوضه باسيل ليثبت انتصاره، ليس في عملية تشكيل الحكومة فحسب، بل في سبيل استعادة الحريري إلى حضنه أولاً، وتثبيت تياره قوة مسيحية كبرى تتقدّم على كل القوى الأخرى. ولهذا ارتباط بحسابات الانتخابات الرئاسية المقبلة، وبإظهار نفسه قائد مسيرة إعادة صلاحيات المسيحيين، من خلال فرض شروط وأسقف ومعايير للتشكيل ناهيك عن إلزام رئيس الحكومة بمهلة زمنية للتشكيل.

على الرغم من تصعيد باسيل تؤكد مصادر متابعة لـ”المدن” أن هذا الكلام لن يغيّر من المسار الإيجابي للوصول إلى حكومة وحدة وطنية، ضمن المهلة التي تحدّث عنها الحريري. ويؤكد مقربون من الحريري أنه لا يزال عند الموعد الذي ضربه. وهذا الكلام يتلاقى مع كلام آخر من بعض المقربين من رئيس الجمهورية ميشال عون، إذ يعتبرون أن الحكومة ستتشكل بعيد عودته من أرمينيا. الشعور العام في الضيق والضغط هو ما دفع الجميع إلى السير بالتسوبة، وأبرزهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي وافق عليها مبكراً وعاد وأصدر موقفاً إيجابياً تجاه كلام باسيل. هذا الموقف لا يعني القبول الحرفي بطرح باسيل أن ينال كل خمسة نواب وزيراً، إنما يوجّه جنبلاط رسالة إلى القوات بوجوب السير بالتسوبة، لأن حصّتها المؤلفة من نائب رئيس حكومة و3 حقائب هو أمر جيد جداً، في ظل الضيق الذي فرض على الجميع السير بالتسوية. والدليل على ذلك، هو تنازل رئيس الجمهورية عن نائب رئيس الحكومة لمصلحة القوات.

بالعودة إلى تصعيد باسيل، يستذكر أحد المصادر حرب تصفية الحساب في العام 1993، كان كهلان يجلسان في الجنوب، لم يسمعا أصوات القصف، بسبب تقدّم العمر، وكانا يتحدثان إذا ما كانت ستتوقف الحرب أم لا، فأجاب أحدهما الآخر بأن اسحق رابين يرضى بإيقاف الحرب، ولكن أحد قادة المقاومة هو من لا يرضى. يقول المصدر هذا الكلام، للإشارة إلى أن الموارنة هم الذين لا يريدون الحكومة بسبب خلافاتهم وحساباتهم.

وقد جاء تصعيد باسيل على خلفية موافقة رئيس الجمهورية على منح نائب رئيس الحكومة للقوات. ما أدى إلى حشرها. لكن القوات رفضت العرض، وأصرت على نائب رئيس حكومة مع حقيبة، حينها لم يستطع الحريري حلّ الأزمة. وبعد هذا الرفض بادر باسيل إلى التصعيد، وكأنه يعتبر أنه لعب هذه اللعبة كي ترفض القوات ويتم تطويقها أكثر. بينما كانت القوات تصرّ على وزارة العدل ونائب رئيس حكومة مع حقيبة. ما اعتبره باسيل ذريعة للإطاحة بكل المعايير، فيما لا تزال القوات مصرّة على حقيبة العدل. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال المصادر تبدي تفاؤلها بالوصول إلى الحكومة.

ويعود باسيل إلى نغمة منح القوات اللبنانية ثلاثة وزراء وليس أربعة. ووفق المعيار نفسه فإن الحزب التقدمي الاشتراكي يجب أن يحصل على وزيرين لا ثلاثة. وعلى الرغم من أن باسيل تمسك في توزير النائب طلال ارسلان، واصفاً إياه بأنه جزء من تكتل لبنان القوي، غابت هذه النقطة عن وحدة المعايير لدى باسيل، فهو تارة يعتبر ارسلان جزءاً من تكتله وطوراً يعتبره رئيس كتلة مستقلة استحدثت لأجل أن يوزيره. علماً أنه، وفق حسابات باسيل أيضاً، فإن ارسلان على رأس كتلة نيابية من أربعة نواب، أي لا يحق لها بوزير. وتختلط المعايير أكثر لدى باسيل، في الدمج بين الحصول على كتلتين وزاريتين واحدة للتيار الوطني الحر وأخرى لرئيس الجمهورية، مع احتساب عدد النواب مرتين.

وهذه الحسابات تقود التيار أو تكتل لبنان القوي إلى الحصول على 6 وزراء بالحد الأقصى، طالما أن التكتل لديه 28 نائباً. ولكن هذا لا يرضى به باسيل، الذي كان يطالب بأحد عشر وزيراً، وقد يتنازل للحصول على عشرة موزعين على حصة تياره وحصة رئيس الجمهورية. وهنا، يكون قد جرى احتساب النواب مرتين، مرة للتيار ومرة للرئيس. إلا أن هذه الصيغة لن تصل إلى أي نتيجة وفق المصادر، بينما هي تأتي في اطار الضغط لتحسين الشروط فحسب، والعودة إلى الصيغة المعتمدة بين الحريري ورئيس الجمهورية.