طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

فيصل مرعي

يوم انتهت الحرب اللبنانية، واضعة اوزارها الى غير رجعة، اطمئن اللبنانيون الى مصيرهم، ولم يعودوا في حَيْرة من امرهم. حرب أفُلت بموجب اتفاق الطائف، الذي اوقف الحرب، وأرسى قواعد التسوية، فنهضت الدولة من كبوتها بعد عناء طالب سنين طوال، وامل اللبنانيون بفجر جديد وعهد جديد. هذا الاتفاق اراح اللبنانيين جميعاً، فكان القول الفصل في لجم حرب ضروس كادت تؤدي بكل مقوماته ومكوناته.

اتفاق لو لم يجيء في مضامينه طياته ما يرضي اللبنانين جميعاً من مناصفة في الحقوق والواجبات في الحياة السياسية، خصوصاً منها إعطاء مجلس الوزراء مجتمعاً الصلاحيات والمشاركة في كافة القضايا، لا سيما المصيرية منها، لما خمدت نيران حرب كات تطاول شرارتها المنطقة برمتها.

زدْ على ذلك، ما أقر من مناصفة وعدالة في صحة التمثيل النيابي بين المسلمين والمسيحيين. هذه المناصفة لو ارفقت بقانون انتخابي على اساس المحافظة بعد اعادة النظر في حسن تقسيم الدوائر، كما نص على ذلك اتفاق الطائف، لما وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم من تشرذم وتخبط سياسي، وديمقراطية مشوّهة بسبب من هذا النظام الطائفي المقيت.

ان كل القوانين الانتخابية التي اعمل بها تاريخياً على مر العهود والعقود، لا تمت الى النسبية، ولا الى الديمقراطية بشيء. قوانين احدثت انشقاقاً عامودياً بين الطوائف، ما زلنا نعاني آثارها حتى اللحظة ، لا سيما منها القانون الانتخابي الاخير الذي راح البعض بموجب نتائجه يتبنى ابوته وقوته التمثيلية وحيثيته الشعبية، غير آبه بما افرزه من سوء التمثيل الشعبي، ومن عدم القدرة على تأليف حكومة متوازنة ومتجانسة حتى اللحظة…

ان ما نشهده اليوم من تجاوزات، ومماحكات، وتجاذبات سياسية بين معظم أهل الحكم حول تشكيل وزارة وحدة وطنية بالذات، هو تناسيهم دستور الطائف، وادارة الظهر له، ما يدل دلالة واضحة، ليس على اغفالهم اياه، بل محاولة تدميره، وذلك بتجاوزهم لمضمونه، لا سيما لجهة برمجة الغاء الطائفية السياسية.

نهاية، ان اللبناني لم يعد ليتحمل المزيد من المآسي والكوارث الاجتماعية والاقتصادية. لقد حان الوقت، وآن الاوان لتسهيل امور الناس وحاجياتها، لا سيما وان الشعب بدأ يرزح، ويئن، وينوء تحت ضغط الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية. إن الاجواء اليوم باتت مكفهرّة وداكنة، حيث بدأ التململ في اوساط الشعب كل الشعب، الذي اذا ما ازدادت معاناته، سينتفض وسيشهر السيف بوجه المتآمر على لقمة عيشه وعلى مستقبل اولاده ومصيرهم.

فطبّقوا الطائف تنقذوا لبنان.

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…

حلم راود اللبنانيين .. (وأي حلم؟!)