لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

فيصل مرعي

يوم تدق الساعة، ساعة الخطر، ينبري أناس وقادة لاستنهاض الهمم. قادة لم ينحنوا يوماً أمام المصاعب، والازمات، والعثرات، بل يواجهونها بكل شجاعة وثقة بالنفس، في وقت لهث فيه كثر من السياسيين والزعامات التقليدية، وضعاف النفوس، وراء المصالح الشخصية، والمناصب، والكسب لا غير، علماً انه في الشدائد، والمحن، والايام الهوالك، المطلوب الحفاظ على الوطن وعلى كل المكتسبات، والانجازات التي تحققت، اي على مقوماته ومكوناته قبل كل شيء.

هؤلاء الذين راحوا يدّعون الحرص على لبنان، هم اول من كادوا ان يهدّوا لبنان، وتقديمه قرباناً على مذبح الآخرين. ثمّ، كان في نيتهم القبض على كل مفاصل الدولة، والاستئثار، والعبث بلبنان النموذج، والقيم، والرسالة، ومد الجسور الى اطراف خارجية جائرة، لا تعرف للانسانية، ولا للقيم معنى، خانعين حرية الرأي، والفكر، والمعتقد، باسطين سلطتهم على تراب لبنان بالقوة، غير آبهين بأن هنالك صلات، وقربى، ومصير مشترك، تاركين اللبنانيين  الى مصيرهم، وفي حيرة من امرهم ردحاً من الزمن، مترهلين لا ظهير، ولا سند لهم.

والمؤسف حقاً، هؤلاء الخارجين على السيادة، ازدادوا في غيهم وضلالهم، حتى الثمالى، غير عابئين بأن هنالك سوء مصير. ومع ذلك، مُدّت الايدي لهم لتقويم ما يمكن تقويمه، ثبْتاً لقدم هذا الوطن، بوجه رياح تعصف به من كل حدب وصوب بين الفينة والفينة.

ولما كان الله قد قيّض لنا رجالات عظاماً، كنا على يقين ان لا خوف على البلد. رجالات ادركوا سرَّ الامر قبل وقوعه، مدركين ان الحوار هو السبيل الوحيد قبل وقوع الواقعة، حاملين البرامج قبل وقوع الواقعة. الا ان الرياح جرت بما لا تشتهي السفن. وبالرغم من كل ذلك، لم ينكفئ هؤلاء القادة، امثال القائد المعلم كمال جنبلاط، بل اكملوا المسيرة في سبيل ترسيخ الديمقراطية بكل انواعها، قيامةً للبنان العدالة والكفاية الاجتماعية، ونهائية عروبة لبنان، رافعين عن كاهل اللبنانيين الوصايات والاحتلالات، مزيلين شحوب ايام سوداء، خيَّمت على لبنان طوال سنين وسنين. الا ان الطائفية المقيتة بقيت تنخر في النفوس والنصوص…

وما طرحه هؤلاء القادة، لو اخذ برؤاهم وتطلعاتهم، لَمَا وصلنا الى حال من التفكك والانحلال. وهنا، نستشهد بكلام المعلم كمال جنبلاط القائل بما معناه، ان الطائفية السياسية هي علة العلل، ومشكلة المشاكل، بسبب تجذرها في بنية النظام اللبناني منذ نشأته، وهي التي ضربت الديمقراطية في العمق، فأدت الى قيام نظام عجز عن دفع الحياة السياسية، والاجتماعية والاقتصادية الى الامام.

وهكذا، فإن الديمقراطية في لبنان متفسخة، وليست موحدة الرؤى، فاصبح الكيان اللبناني، وكأنه جمعية طوائفية تتقاسم المصالح المشتركة، اي انها تمثل مصالح الزعامات والقيادات الطائفية لا غير.

فالديمقراطية في لبنان، عكس ما كان يشتهيه المعلم كمال جنبلاط، لانها ديمقراطية مشوّهة، اخرت مسيرة الاصلاح والتطور، بسبب من هذه الطائفية المقيتة من جهة، وبسبب ضرب المد الثوري، والحركات التحررية في لبنان، وفي العالم العربي آنذاك.

واذا كان هذا القائد الوطني لم يحقق ما يصبو اليه، لا سيما لجهة تتويج مشروعه السياسي من اجل قيامة واقع لبناني وعربي جديد، وازاحة الغيوم السوداء التي تكتنفه، وتعصف به، فلأن عوامل كثيرة تراكمت حالت دون تحقيق مشروعه السياسي الذي لو كُتب له النجاح لغيّر من سيماء هذا الواقع الاليم، ولقام نظام علماني فيه من العدالة والكفاية الاجتماعية ما اغنى وكفى، ولعمَّ السلام في ربوع لبنان ومحيطه.

كل هذا، اوصلنا الى هذا التخبط السياسي، لا سيما لجهة عدم القدرة على تأليف حكومة وحدة وطنية حتى اللحظة. في كل الاحوال، الطبقة السياسية التي توالت على الحكم منذ سنين وسنين، تقع عليها مسؤولية تسهيل امور الناس، وتأمين حاجياتهم، واحترام حقوقهم المشروعة، وايجاد فرص عمل للجميع، واعتماد الكفاءات، والبدء ببرمجة الغاء الطائفية السياسية، والإتيان بقانون انتخابي عادل ومنصف. وما عدا ذلك هو كلام بكلام، وهراء بهراء.

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…

حلم راود اللبنانيين .. (وأي حلم؟!)