عهد القوة ام العهد القوي؟

وهيب فياض

الجميع في لبنان دون استثناء يرفعون شعار الدولة القوية، إن بالقول ان الدولة لا تبنى على تقاسم المغانم، بل بتمركز السلطة في أيدي الاكفاء، وسيطرة الدولة على الأمن والسيادة، وعدم وجود دويلة او دويلات ضمن الدولة.

او بالقول، ان ضعف الدولة في التصدي للشأنين الداخلي من خلال عدم قيامها بواجباتها تجاه مواطنيها، والخارجي من خلال عدم القدرة على حفظ السيادة في وجه اطماع وانتهاكات العدو الاسرائيلي، مبررا لإنشاء منظومة تحيط بمفاصل الدولة المدنية، وتنظيما عسكريا رديفا لقوة الدولة العسكرية، والذي يفوق قدرتها، لولا تمتع الدولة بغطاء الشرعية الذي يبقى أصلب غطاء.

وفِي ظل هذا التناقض بين النظريتين، أنتج النظام اللبناني على طريقته، وبعد مخاض عسير، عهدا جديدا، بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، بتوافق سلبي بين النظريتين، ولكن، ومهما اختلفت النظريات،

تبقى الدولة مرجع الجميع، بشرط وحيد، هو ان يكون العهد عهدا قويا، لا ان يكون عهد القوة، والفرق بين الاثنين كالفرق بين الأبيض والاسود، او بين الصيف والشتاء وان كانا على سقف بلد واحد.

فالعهد القوي هو العهد الذي يستقوي بالشعب، اما عهد القوة فهو الذي يستقوي على الشعب.

العهد القوي هو الذي تجمع عليه مختلف اطياف اللون اللبناني، اما عهد القوة فهو الذي يحظى باغلبية اجماع مكون واحد، مع انقسام الرأي في بقية المكونات، حتى ولو كانت متساوية الحجم في كل مكون، فكيف اذا لم تكن كذلك.

العهد القوي هو الذي يستطيع ان يتصدى لمشاكل المواطن وهمومه اليومية، وعهد القوة هو الذي يستطيع ان يتصدى لمن يرفع الصوت، للتذمر من مشاكله وهمومه التي تمثل ابسط حقوق المواطن.

العهد القوي هو الذي يوازن في التعامل بين من كانوا قبل انتخابات الرئاسة حلفاء له، ومن أصبحوا بعد الرئاسة ناخبين له ومعترفين بقوة شرعية وجود، على اعتبار ان السلطة استمرار، لا تبدأ مع كل عهد، ولا تنتهي مع نهايته.

العهد القوي هو العهد الذي يطبق شعار بي الكل، حتى ولو كان الأبناء مختلفين معه او فيما بينهم، فتبقى أبوته، منتجة لمفاعيلها المعنوية الآمرة والرادعة من جهة، وتلك المبنية على الاحترام الأبوي من جهة اخرى.

اما عهد القوة، فهو عهد تسلط احد الأبناء على الباقين منهم، على أساس انه الأقرب او الأحب.

بين عهد القوة والعهد القوي، واد عميق، سهلت منحدراته، تسمية رئيس الوزراء، ولكنها انهكته قبل الى يصعد مجددا الى القمة المقابلة، مستعينا على وعورة المسالك بالصبر وان لم يكن جميلا، ولكن للصبر حدودا ولكل متحمل طاقة.

نريد العهد القوي، بتظافر الجهود. فلا المغالاة في طوباوية من يعتبرونه عهد القوة، تساعد في الخروج من المأزق، ولا الاستقواء بموقع الرئاسة مفيد للرئيس المستقوى به.

قليلا من التواضع والعقلانية، وكثيرا من الترفع والوطنية، كفيلان برفع حرج سيد العهد، الذي يريد عهده بالتأكيد عهدا قويا لا عهد قوة، وهو منذ تسلم مقاليد السلطة، سائر في هذا الاتجاه، رغم الممارسات التي اساءت الى صورة العهد، الذي يحق له ان يردد القول الشائع (من بيت ابي ضربت).

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم وهيب فياض

جنبلاط يهادن مجدداً وينعي اتفاق الطائف

أيها المعلم المشرق علينا من عليائك

نزار هاني: أرزتك أطول من رقابهم!

ما وراء خطاب العرفان!

عن الفتح المبكر للسباق الرئاسي: قتال بالسلاح الأبيض والأظافر والأسنان!

من موسكو: تيمور جنبلاط يجدل حبلاً جديداً من “شعرة معاوية”!

لجيل ما بعد الحرب: هذه حقيقة وزارة المهجرين

حذار من تداعيات إزدواجية المعايير!

عن دستور ظاهره مواطنة وباطنه عفن سياسي!

لا تحطموا برعونتكم أعظم إختراع في تاريخ الديمقراطية!

رسالة من العالم الآخر: من أبو عمار إلى أبو تيمور!

لتذكير من لا يذكرون: تجارب وزراء “التقدمي” مضيئة وهكذا ستبقى!

يحق لوليد جنبلاط أن يفاخر!

تبيعون ونشتري

إنه جبل كمال جنبلاط!

إلا أنت يا مير!

ادفنوا حقدكم لتنهضوا!

الإصلاحيون الحقيقيون: إعادة تعريف!

مطابق للمواصفات!

خيارات المختارة وتحالفاتها: قراءة هادئة!