الطيّار اللبناني الأول سعد الدين دبوس ترجل عن صهوة جواده.. والعائلة في وداعه حزن وفخر

نوال الأشقر (لبنان 24)

عميد الطيارين اللبنانين القائد الجوي اللبناني الأول سعد الدين أحمد دبوس حامل بطاقة رقم واحد للطيران في لبنان، كابتن الـ”الميدل إيست” الأول قبل أكثر من نصف قرن في ذمة الله.

رحل الكابتن اللبناني الأول سعد الدين دبوس عن عمر ناهز 93 عاماً، تاركاً في وطن الأرز مجداً صنعه بمثابرته واندفاعه وشجاعته وتميّزه، وحلماً أضحى واقعاً في ذلك اليوم عندما قاد طائرة الميدل إيست من القاهرة إلى بيروت فكان الطيّار اللبناني الأول في تاريخ لبنان، وعندما حطّ في مطار بيروت الدولي كان في استقباله الرئيس صائب سلام وموظفو الشركة وإعلاميون شهدوا على التجربة الأولى لأول قائد جوي لبناني.

عميد الطيارين اللبنانين سعد الدين دبوس في مسيرته أكثر من 26 ألف ساعة طيران على مدى 33 عاماً، تكلّلت جميعها بالنجاح.

التحق بشركة طيران الشرق الأوسط عام 1947 وأثناء عمله في الشركة، قام الرئيس صائب سلام والمهندس فوزي الحص بإنشاء دورة لتدريب طيارين لبنانيين، حيث أنّ معظم الطيارين آنذاك كانوا فرنسيين وإنكليزاً وأميركيين، فتقدّم دبوس بطلب متابعة الدورة في خطوة أولى لتحقيق حلمه منذ أيام الطفولة، وانضم إلى دورة التدريب، وعند نجاحه في أول مرحلة، أوفدته الشركة لمتابعة التدريب في القاهرة حيث تخرج الأول في دورته، فقامت الشركة بإرساله إلى بريطانيا لإتمام تدريبه الفني، وبعد أربع سنواتٍ من الدراسة والتدريب والتحليق كمساعد طيار، استطاع أن يحقق حلمه بعدما سجل 5000 ساعة من الطيران، على الرغم من أنّ قانون الطيران الدولي يُتيح للطيار أن يصبح قبطاناً بعد تسجيل 2400 ساعة، وأصبح أول قائد جوي لبناني، ونجح بتفوّق في اختبار شركة “بان أميركان” العالمية التي قال رئيسها: “امتحنتُ في حياتي المهنية أكثر من 12 ألف طيار، لكنّ سعد الدين دبوس ترك بي إعجاباً وتقديراً لافتَين بحنكته ومهارته وذكائه الحادّ”.

“إنها المهنة الأغلى على قلبي أشعر بالفخر الكبير كوني أول طيّار لبناني” لطالما ردّد سعد الدين دبوس هذه العبارة في كلّ اللقاءات الصحافية، وشغفه هذا نقله إلى ولديه طارق وهشام، فأصبح الاول طياراً سنة 1974 والثاني سنة 1978، وبدورهما نقلا حب الطيران إلى ولديهما: سعد (ابن الكابتن طارق)، ووسيم (ابن الكابتن هشام)، فأضحت “عائلة طيارجية ” من الجد إلى الأبناء والأحفاد.

عائلة عميد الطيارين عبّرت في اتصال مع “لبنان 24” عن حزنها لرحيل الجد، وبفخر كبير استذكرت سيرة كبير العائلة الطيّار اللبناني الأول الذي يسري حبّ الطيران في عروقه “فتح سعد الدين دبوس الطريق للطيارين اللبنانيين بعدما حوّل حلمه إلى حقيقة بفضل مثابرته وتميزه، ونقل تعلقه بالطيّران إلى العائلة”. وخلال العيد السبعين لـ”الميدل إيست” عام 2015 حلقت طائرة “إيرباص 320” مطلية بالألوان القديمة للشركة فوق مدينة بيروت وكان على متنها دبوس، وهو في عمر التسعين، وكل من ولديه وحفيديه، تقديراً لعطاءاته وجهوده التي قدمها للشركة.

شغل الراحل مركز مسؤول برنامج تدريب الطيارين في الميدل ايست، وتقاعد عام 1985 في سن الستين، وكانت آخر رحلة قام بها من القاهرة إلى بيروت تماماً مثل أول رحلة له. نال وسام الأرز الوطني من رتبة فارس عن مسيرته الحافلة بالنجاح وبعد تقاعده عمل عشر سنوات مستشاراً في الإتحاد العربي للنقل الجوي.

ترجل الفارس الأول عن صهوة جواده، تاركاً مجداً يليق بتفانيه ومسيرته وحلمه.