مأزق التنمية في لبنان بعد الحرب

د. كليب كليب

تأتي مقالتنا الحاضرة استكمالاَ لمقالتين سابقتين مترابطتين: اولهما كانت بعنوان، كيف نستلهم العبر من نهج” انجيلا ميركل” وسياسة الحكم في ألمانيا، أما الثانية فكانت بعنوان معجزة التنمية في ألمانيا بعد الحرب.

تستهدف مقالتنا الجديدة مقاربة السياسة التي اعتمدها لبنان في الفترة الممتدة بين عامي 1993 و2002 لمعالجة آثار الحرب لانها شهدت تراكم الجزء الاكبر من الدين العام في لبنان ولانها أثارت جدلاَ واسعاَ بين اللبنانيين وما تزال. كما أردنا مقارنة النتائج التي حققتها السياسة التي اعتُمدت في تلك الفترة في لبنان مع ما حققته تجارب دول أخرى.

فبعد فترة انتقالية أعقبت الحرب (1990- 1992)، باشرت حكومة الرئيس رفيق الحريري الاولى في العام 1993 بتنفيذ خطة لإعادة الاعمار وعلى مدى عشر سنوات 1993-20020  وكان واضعو الخطة يعتقدون بأن الاقتصاد اللبناني سوف يتمكن بعد وقف الحرب (كما في المرات السابقة) عن طريق إعادة تأهيل البنى التحتية وتطويرها وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي، من استعادة ميزاته الاقليمية في المجالات التجارية والمالية والانطلاق في مسار النمو الاقتصادي.

ولم تبتعد الخطة الخماسية للانماء في لبنان (1999-2004) التي وضعتها حكومة الرئيس الحص (بعد إزاحة الرئيس الحريري عن رئاسة الحكومة في العام 1998) ، كثيراَ عن  جوهر خطة النهوض والإعمار ،  فعلى الرغم من وجود بعض نقاط الاختلاف بين الخطتين ، ” إذ أعادت الخطة الخماسية الاعتبار لمبدأ الضريبة التصاعدية، وبدأت الخطوات التحضيرية لاعتماد الضريبة على القيمة المضافة، واستحدثت ضريبة جديدة على الاصول المالية، إلا انّ الخطة الخماسية اشتركت مع خطة النهوض والإعمار في  عدد من التوجهات الاساسية مثل: التزام سياسة تثبيت سعر النقد، الخصخصة وإعادة هيكلة القطاع العام، وطريقة معالجة الاختلالات المالية وغيرها.

على كل حال لم تستطع الخطة الخماسية استكمال مهمتها فقد أدّت الانتخابات النيابية التي جرت في صيف العام 2000الى عودة قوية للرئيس رفيق الحريري الى رئاسة الحكومة مع بعض التعديلات  في خطته الحكومية ومنها ما يتعلق باستبدال جزء من الدين بالليرة اللبنانية بآخر بالدولار الأميركي. أخيراً يمكننا القول اننا كنّا في العام 1992، ولأول مرة، امام خطة اقتصادية اجتماعية واضحة المعالم تتسم بالاستقرار واستمرارية الخيارات الحكومية لمدة عقد من الزمن تقريباَ (1992-2002)،  مما يتيح لنا منهجيا التعامل مع هذا العقد وتقييم نتائج السياسات التي اعتمدت خلاله باعتباره وحدة مترابطة، آخذين بعين الاعتبار خصوصية الفترة التي تولى فيها الرئيس الحص رئاسة الحكومة (1998-2000)

وهذا ما يتيح لنا ايضاَ القدرة على إجراء مقارنة موضوعية بين ما تمّ التخطيط له، وما تحقّق فعلياَ استناداَ الى المؤشرات الاكثر أهمية من وجهة نظر الخطة نفسها (معدلات النمو الاقتصادي، عجز الموازنة، والدين العام).

أولاَ َ: في أرقام معدلات النمو:

عند انطلاقة خطة “أفق العام 2000 للنهوض وإعادة الإعمار” سنة (1993) افترضت الحكومة أنّ تحقيق الاستقرار المالي والنقدي وإعادة إعمار البنية التحتية، سيؤديان الى تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 9% تقريباَ بين عامي 1995و2007، والى ارتفاع متوسط الدخل السنوي للفرد من 3,6 مليون ليرة بالاسعار الجارية في العام 1994 الى 12,8مليون ليرة في العام 2007. واستباقا لتحديد أسباب الصعوبات الاقتصادية التي اعترضت خطة “أفق العام 2000 للنهوض وإعادة الاعمار ” فإن مراجعة النتائج تبيّن أنّ معدل النمو في الناتج المحلي الاجمالي الذي كان قد سجّل 8,7% تباعاَ في عامي 1993 و1994 بدأ بالتراجع تدريجياَ حتى كاد ينعدم في العام 1998 وبلغ الصفر في العام 2000 (في ظل حكومة الرئيس الحص) خلافاَ لتوقع الحكومة بأن يكون 3% في عامي 1999 و2000

ونشير هنا الى أنّ معدل النمو لم يتحسن بشكل جلي إلا بعد انعقاد مؤتمر باريس (الاول) في العام 2002 وهذا ما سيكون جزءاَ من مقالتنا القادمة.

ثانياَ: في مشكلة العجز في الموازنة:

اتبع لبنان من ضمن خطة النهوض وإعادة الإعمار خطة للتثبيت النقدي واضحة المعالم من أجل معالجة الاختلالات المالية الكبيرة جداَ والمتمثلة بالتضخم وانهيار سعر صرف العملة الوطنية من جهة، ومعالجة عجز الموازنة المتزايد من جهة أخرى. وكانت الحكومة قد توقعت مع انطلاق عقد التنمية اللبناني 1992-2002 أن ينخفض عجز الموازنة الذي بلغ 48,7% في العام 1992 بشكل تدريجي وصولاً إلى تحقيق فائض في الموازنة  بعد العام 2000 وتحسين مستوى معيشة اللبنانيين بمعدل 100%. في الواقع انخفض عجز الموازنة من 48.7% في العام 1992 الى 38,5% في العام 1994 ثم ارتفع مجدداَ الى حوالي 57% في العام الذي يلي وبقي يتأرجح على مستويات مرتفعة وقد بلغ 47,6% عام 2001.

ثالثاَ: في ارتفاع معدلات الدين العام:

بدأ عقد النمو بدين عام صاف بلغ 2,4 مليار دولار في عام 1992 كانت تمثل 43% من الناتج المحلي القائم، وانتهى في نهاية عام 2001 بدين عام بلغ 29,4 مليار دولار كانت تمثل 176% من الناتج المحلي، واستهلكت خدمة الدين في السنة المعنية (2001) 2785 مليون دولار مثلت 92,2% من عائدات الخزينة (من التقرير الاهلي اللبناني حول التنمية المستدامة تحضيراَ لقمة الارض الثانية في جوهانسبورغ – آب 2002).

وعلى الرغم من تراجع معدل التضخم تدريجيا من 120% في العام 1992 إلى ما يقرب من الصفر في المائة في العام 2001، فإن أرقام المؤشرات الاقتصادية الثلاث كانت مخيبة للأمال حتى لواضعي الخطة أنفسهم.

رابعاَ: في تحليل النتائج:

انقسم اللبنانيون حيال نتائج خطة النهوض وإعادة الاعمار التي اعتمدها الرئيس رفيق الحريري الى فريقين اثنين: أحدهما اعتبر أنّ هذه الخطة هي التي أعادت توحيد المؤسسات وإعادت وضع لبنان على الخارطة الدولية.  كما أعادت بناء ما تهدّم وما تقادم من البنية التحتية وأوقفت تدهور سعر صرف العملة الوطنية وأمّنت الاستقرار السياسي ولجمت التضخم ، كما أنها جلبت الرساميل الاجنبية وحرّكت الاقتصاد وموّلت عودة المهجرين وما الى ذلك من حسنات وإيجابيات. ويؤكد أنصار هذا الفريق أنّ الخطة ما كانت لتتعثّر لولا تأثير بعض العوامل الخارجية ومنها تدخلات سلطة الوصاية السورية واستمرار المواجهات العسكرية في الجنوب تبعاَ لأجندات إقليمية… وغير ذلك.

أما الفريق الثاني فقد اعتبر انّ خطة النهوض وإعادة الاعمار اعتمدت سياسة اقتصادية التزمت فيها خيارات العولمة الاقتصادية السائدة وسياسة الشركات المتعدية الجنسية وشرّعت الاقتصاد الوطني أمام الرساميل الاجنبية  فأغرقت البلاد بالديون وبالغت في تقديس النمو الاقتصادي الى حد إهمال الرأسمال البشري واعتمدت سياسة مركزية قاسية ارتكزت على الاهتمام بالعاصمة وخاصة الوسط التجاري وأهملت الأرياف الأمر الذي عمّق التفاوت الاجتماعي بين المناطق والطبقات كما أنها امعنت في تخفيض الضرائب والرسوم الجمركية فأضعفت قطاعات الانتاج وعزّزت الوظيفة الريعيةللاقتصاد… وغير ذلك.

ومن المؤسف أن معظم التبريرات والانتقادات التي قُدّمت لم تستند الى معطيات رقمية بل ارتكزت في الغالب الى مواقف ايديولوجية وأحيانا طائفية أو مذهبية او عاطفية. كما أنه لم تتم دراسة الكلفة الاقتصادية للمواجهات العسكرية التي جرت بين اللبنانيين والحروب الخارجية التي جرت على أرض لبنان. بالاضافة الى أنه لم تتم دراسة الأثر التراكمي لمفاعيل الحرب مثل: الأثر المتراكم لمقتل 170000 شخص من اللبنانيين معظمهم من الذكور الشباب، هجرة أكثر من مليون شخص،  تدمير البيئة، فوضى العمران وقيام الاحياء والابنية العشوائية، قيام الاقتصاد الموازي ، التلوّث … فتراكم النفايات مثلاَ يعود في جذوره الاولى الى سنوات الحرب الاولى (مكبات برج حمود والنورماندي)،  وغير ذلك الكثير. كما لم تتمّ دراسة الكلفة الحقيقية للوجود العسكري السوري والاجهزة التابعة له على مدى ثلاثين سنة في لبنان والتي قدّرتها أوساط غير رسمية بـ 3 مليارات دولار سنوياَ بالأسعار الجارية.

لا تتسّع هذه المقالة لتفسير العوامل والاسباب التي حالت دون نجاح خطة النهوض وإعادة الاعمارفذلك يحتاج الى أكثر من مقالة ودراسة. لذا سنكتفي بتحليل المعطيات المتعلقة بالمؤشرات التي سبق تقديمها والتي ستكون تحت العناوين التالية: مصادر تمويل النمو، تطوّر العجز في الموازنة، وكلفة الدين العام.

1 – في مصادر تمويل النمو:

انطلقت الفلسفة الاقتصادية للحكومات الحريرية في زمن خطة النهوض وإعادة الإعمار من اعتبار ان مشكلة النمو الاقتصادي في البلد تكمن في عدم كفاية التمويل، لذا أعطت الاولوية في سياساتها وأهدافها لتأمين مصادر تمويل داخلية وخارجية تُمكّنها من السيطرة على العجز المزمن في الموازنة العامة والخروج من دوامة الدين العام المتصاعد.

والواقع ان لبنان لم يكن قادرا على الإعتماد على اقتصاده وقطاعاته المنتجة للسلع من أجل الحصول على مصادر تمويل كافية من العملات الصعبة. فبسبب مفاعيل الحرب وتغيّر العادات الاستهلاكية تراجعت نسبة تغطية الصادرات للواردات من 30% في النصف الاول من عقد السبعينات الى ما بين 10 و12% على امتداد عقد التسعينات من القرن العشرين. لذا راحت الحكومة تسعى الى الوصول للتمويل الخارجي من خلال الاستدانة أو تشجيع الاستثمارات الاجنبية في لبنان. الا أنّ الرساميل الوافدة اقتصرت توظيفاتها على القطاع العقاري والقطاع المصرفي خاصة في مجال سندات الخزينة ذات الفائدة المرتفعة والارباح المضمونة، ولم تستثمر في القطاعات الانتاجية على الرغم من التخفيضات الضريبية المتكررة والشروط التحفيزية التي قدّمتها الدولة.

لذا اعتمد لبنان آنذاك على أشكال التمويل الخارجي التقليدي المتمثّل بالدرجة الاولى بالاقتراض الثنائي من المصارف التجارية وبفائدة متصاعدة بسبب تراجع تصنيف لبنان من قبل مؤسسات التصنيف الدولية. عندها أصبح خيار التمويل من خلال الاقتراض الداخلي والخارجي مصدراً لاستنزاف موارد الدولة بدل من أن يكون مصدراَ لتغذيتها.

أما تأمين التمويل من خلال خصخصة بعض المؤسسات العامة والذي تأجل اقراره أكثر من مرّة فلم يكن في الاساس مناسباَ بسبب ضعف القطاع العام في البلاد أصلاً.

2 – في تطور العجز في الموازنة:

العجز في الموازنة هو أصل المشكلة. ومنذ سنة 1975 وحتى اليوم لم تعرف الموازنة الا العجز، ليس بسبب توسّع الانفاق الانمائي للدولة بل بسبب الحرب وفقدان الدولة السيطرة على مواردها  وخدمة الدين مع الإشارة إلى أنّ الأزمة الحقيقية لمالية الدولة قد بدأت فعليا بعد العام 1982، لأن عجز الموازنة أصبح منذ ذلك الحين السبب الرئيسي للتضخم وللانهيار المتواصل للقيمة الداخلية والخارجية للنقد الوطني.

وبلغت أزمة المالية العامة ذروتها بين عامي 1986 -1988 نتيجة استمرار تراجع الايرادات مقابل ازدياد النفقات الذي خرج عن كل الضوابط. ( الجدول رقم 1)

 

جدول رقم (1) تطور العجز في الموازنة في سنوات مختارة

السنة 1977 1982 1988 1992 1994 2000
النفقات العامة 76% 72% 92% 58% 58% 55%

3- في كلفة الدين العام:

بلغ الدين العام في لبنان 13 مليار ليرة في عام 1983 أي ما يعادل حوالي 3 مليارات دولار آنذاك. وارتفع هذا الدين الى 5000 مليار ليرة لبنانية في نهاية العام 1992 بينما انخفضت قيمته الى ما يقرب من 2,5 مليار دولار. وهذا يعني ان انهيار سعر صرف النقد الوطني حيث فقدت الليرة اللبنانية 98% من قيمتها كان واحداَ من اهم مصادر تمويل خزينة الدولة.

بعد تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية الى الدولار في العام 1993 بدأ الدين العام يكبر ككرة الثلج فارتفع من أقل من 3 مليارات دولار في العام 1993 إلى 16 مليار دولار في العام 1996 الى 18 مليار دولار في العام 1998 الى 29,4 مليار دولار في العام 2001.

لقد حدث ذلك  نتيجة عوامل عديدة  أبرزها : الفوائد المرتفعة التي وضعها كلّ من مصرف لبنان ووزارة المالية على إصدار سندات الخزينة بالليرة اللبنانية وأثرها التراكمي وإقامة هامش مرتفع جداَ بين الفوائد على الليرة والفوائد على الدولار رغم نجاح البنك المركزي في تثبيت سعر صرف العملة الوطنية منذ العام 1992. هذا بالاضافة الى قيام الخزينة بإصدار سندات خزينة فوق الحاجة الفعلية للخزينة.

وتعاظمت خدمة الدين على مر السنين من 784مليار ليرة في العام 1993 الى 4874 مليار ليرة في العام 2003 وبمجموع تراكمي بلغ خلال فترة إعادة الاعمار (1993 – 2003) مبلغاَ قدره 39182 مليار ليرة وهذا ما يفوق كل الانفاق الجاري للدولة من خلال الموازنة في نفس الفترة والبالغ 38169 مليار ليرة

جدول رقم (2) النفقات التراكمية للحكومة اللبنانية 1993 -2003

الفئة الاقتصادية بمليارات الدولارات % من المجموع
الفوائد على الدين العام 25,0 39,2
الاجور والرواتب 18,2 28,5
النفقات الاستثمارية 9,2 14,4
استهلاك بضائع خدمات وتحويلات 11,4 17,9
المجموع 63,8 100

من كتاب توفيق كسبار – اقتصاد لبنان السياسي –ص: 266

لا بد من الإشارة إلى أنّ الفوائد على سندات الخزينة بقيت مرتفعة في الفترة 1993- 2003 وبقيت بحدود 17% كمعدل وسطي في حين أنّ معدل النمو في الناتج المحلي الاجمالي في لبنان لم يزد في نفس الفترة عن 3 الى 4% وهذا ما يترك اثراَ سلبيا على مجمل النشاط الاقتصادي. كما أنّ هذا المعدل كان أعلى بكثير من اسعار الفوائد على الودائع بالدولار في أسواق لندن مثلاً التي فاقت بقليل الـ 5% في نفس الفترة. وهذا يعني أنّ الدولة اللبنانية كانت تستدين خلال أحد عشر عاماَ (1993- 2003) بهامش فائدة أعلى بـ12% من أسعار الفائدة الدولية المقابلة وهذا لا يتطابق مع قوانين السوق.

فلو كانت أسعار الفوائد على سندات الخزينة مماثلة لما أصبحت عليه بعد مؤتمر باريس 2002 أي 9% لكان من الممكن تحقيق وفر قدره 10 مليارات دولار من الفوائد المدفوعة على السندات في الفترة المذكورة والتي كانت بحدود الـ 21 مليار دولار.

تقضي الأمانة الإشارة إلى أنّ الحكومة هدفت من خلال تثبيت سعر النقد في العام 1993 الى الانسحاب من الدور الذي كانت الدولة قد لعبته بالتشارك مع المصارف في سحب مدخرات الناس من خلال التخفيض المتواصل لسعر النقد الوطني خلال عقد الثمانينات. ويعتبر الارتفاع في أرقام الدين العام بعد سنة 1993 جزء من كلفة تثبيت سعر النقد الوطني. إن معظم الانفاق الفائض أو الهدر  الذي تمَ دفعه في مجال كلفة تثبيت النقد كان من نصيب المصارف. وقد يكون من المجدي التذكير أن حصة المصارف بلغت في الفترة (1993 – 2003) 69% من دين الحكومة بالليرة و68% من اجمالي دين الحكومة.

ما أردت تبرئة أحد أو إدانة أحد من خلال هذه المقالة إنما رغبت في تقديم تحليل علمي محايد وموضوعي حيال حقبة من الزمن كانت مليئة بالإنجازات إنما شابها في نفس الوقت الكثير من الأخطاء والإخفاقات، على أمل أن تشكل هذه المقالة منطلقاً للقيام بدراسات موضوعية  جديدة عن الفترة التي تلت والتي تضاعفت فيها أرقام الدين العام في وقت وصلت فيه كلفة الفساد حسب بحث رصين قدمه أحد طلاب الجامعة اللبنانية في العام 2017 تحت إشرافنا، إلى ستة مليارات دولار سنوياً. كما أن شركة كهرباء لبنان باتت تساهم بمفردها في رفع معدل الدين العام بما يقرب من 2 مليار دولار سنوياً.

أخيراَ وبعد ستة عشر عاماَ على انقضاء زمن خطة النهوض وإعادة الإعمار وبدء مرحلة إدارة الدين (2002) وبعد تجاوز الدين العام لحافة الثمانين مليار دولار، أما آن لنا أن نتساءل هل سيكون بامكان الدولة الاستمرار في تمويل خدمة الدين؟ وهل سيكون بمقدور المصارف مستقبلاَ الاستمرار في تمويل الدولة؟

هذا ما سنحاول الاجابة عليه في مقالات لاحقة.

*باحث وخبير في الشؤون الاقتصادية

 

(الأنباء)