قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

فيصل مرعي

هذا الزمن، زمن التهدئة والمصالحات، ومد يد العون، لا زمن الصراخ، والضجيج، والصخب. فبعد أن تمت المصالحة الوطنية الكبرى، بقيادة الرئيس وليد جنبلاط، وبالتعاون مع غبطة البطرك صفير، أقيمت التسويات، فتثبت السلم الاهلي، وتعززت الوحدة الوطنية، واطمأن الجميع، بعد ان تأكدت كل أطياف الوطن، ان لا بديل عن المساكنة، والعيش المشترك، وعن هذا العقد الاجتماعي، انجازاً للاستقلال التام، واستكمال الوحدة الوطنية، طالما انه بُني على الديمقراطية التوافقية، التي كانت في اساس قيامه واستمراريته.

ذلك، ان هذه الديمقراطية هي ثابتة من ثوابت الوطن، لا فكاك، ولا مفرّ منها. واذا كان قدر اللبنانيين المساكنة، والعيش المشترك، فما عليهم الا التمسك بها، وبهذا العقد الاجتماعي، خصوصاً بعدما عانوا ما عانوا من حرب ضروس دامت عقدين من الزمن، كادت تودي بمقومات الوطن ومكوناته.

واليوم ما أحوجنا الى ثبْت قدم هذه التهدئة، وهذه المصالحة، حفاظاً على لبنان الرسالة والقيم، حرصاً على دوره، ونموذجيته، وديمومته وتميزه في هذا الشرق الكبير، واتساقاً مع بعض الديمقراطيات الغربية المتقدمة.

فمن الخطأ بمكان، حمل سيف التجريح، والاشاحة عمّا تحقّق بعد “الطائف” من مصالحات، وانجازات، ونجاحات بفضل قادة كبار، جهدوا ليل نهار انقاذاً للوطن من كوابيس مشاريع جهنمية، لا سيما منها المحاذية لنا، والتي كاد ان يكون لها تداعيات وانعكاسات، قد لا تُبقي ولا تذر.

هؤلاء القادة امثال رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، ادركوا سر الامر قبل وقوعه، فجهدوا على نشل لبنان من أزماته وعثراته، فابعدوا نار الفتن والمحن عنه بعد ان تنادوا الى اقامة التسويات العادلة والمشرفة دون تنازل. والعجيب الغريب، ان البعض بنواياه المبيّتة ما زال يودّ الحنين الى زمن الوصاية عودة للبنان القهقرى، ضارباً بعرض الحائط ما أنجز وتحقق. والاكثر تعجباً، محاولته الهيمنة على ابللد، والامساك بكل الامتيازات على طراز عهود مضت، معتبراً انه نال الاكثرية النيابية، وان حجمه يساوي كل الاحجام، متناسياً حجم الآخرين، وان حجمهم بحجم الوطن، لا بنائب او وزارة اكثر او اقل.

في كل الاحوال، لن يكون بمقدور احد الاستئثار بالوطن دون التفاهم، والمساواة مع الآخر، والاعتراف بحقوقه. فاذا ما اراد البعض ادارة البلد حسب ما يطيب ويحلو له، وعلى طريقته، فهذا يعود بنا الى ما كنا عليه يوم امسك فريق بمقدرات وامتيازات الوطن. امتيازات ساهمت في اشعال حروب افضت الى ما افضت اليه من اهتزازات على كل الاصعدة والمستويات، علماً انها كانت مشخصنة، تدور حول شخصية الرئيس، وبطانته، والمتحلقين حوله، لا غير. ما يعني ان القلة القليلة المستفيدة، فيما الآخرون يقتاتون فتات العيش.

مهما يكن من امر، فلن نخشى عودة هذه الامتيازات الى فئة دون اخرى، في ظل قادة احسنوا قيادة السفينة، وفي ظل اتفاق “الطائف” اذا ما احسن تطبيقه وتطويره.

ختاماً. فليعد كلّ الى رشده، ولنجدد هذا العقد الاجتماعي، ولنحافظ على صيغة التعايش، والتنوع، ولنحقق آمال الذين يراهنون على هذه الوحدة، ولنقدم لغة الاحترام والانفتاح على لغة الجلد والتعصب. هذا هو ايماننا، وهذه هي ثوابتنا.
فليتعضوا، وليعتبروا.

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…

حلم راود اللبنانيين .. (وأي حلم؟!)