نشفق عليكم!

ريما صليبا

لم يعد غريبا مؤخرا في أدبياتنا السياسية استعمال الشتائم والكلمات النابية للرد على الرد بغض النظر ان كان عن حق او غير حق الا ان ما حصل البارحة كشف للرأي العام اللبناني طينة جهابذة القرن الحالي وكمية الحقد الموجودة لديهم وقد بان ذلك جليا في اسلوب ردهم عن رأي قيل بالسلطة العليا المنوطة اقله احترام حرية التعبير عن الرأي. فما كان منها الا ان استدعت فيلقها كاملا للقصف بطريقة عشوائية غير آبهة للنتائج السلبية التي ارتدت عليهم والتي وضعتهم موضع المتهم بدل المدافع.

فكل ما فعله وليد جنبلاط كان توصيف واقع حال مجموعة من الناس قسى عليها الدهر فتهجرت من بلدها على يد جلاد سفاح قتل اكثر من نصف شعبه دون ان يرف له جفن، أناس هربت من وطنها،منازلها، خوفا من الموت المحتم، حفاظا على حياة عائلاتها، لتختبىء مرغمة في كنف الدولة اللبنانية.

موقف جنبلاط الذي جاء من منطلق انساني بحت حمَل فيه العهد مسؤولية حياة هؤلاء الذين قرر اعادة ارسالهم الى بلادهم في ظل ظروف اقل ما يقال فيها انها غير آمنة، رغم اننا نتفهم تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان جراء النزوح، الا ان الحل كان موجودا منذ البداية يوم طرح موضوع اقامة مخيمات على الحدود لضبط النازحين وتسوية اوضاعهم بالتنسيق مع المجتمع الدولي الذي بدوره أرسل أموالا هائلة وأرقاما خيالية بإسمهم صرفت بغير مكانها كي لا نقول اكثر.

بدل من ان يعمل المدافعون الشرسون على الرد على الموقف بالأسباب الموجبة لهكذا قرار جاؤونا بما توقعناه منهم كالعادة، ما يتحفوننا به في كل فرصة تسنح لهم، باقة التجريح المعهودة مشكولة بموجة حقد عارمة متجلية بالعودة الى كتب الماضي والنبش في ما أكل وشرب عليه الدهر منذ سنين طويلة، كونه ملاذهم الوحيد في ظل عدم وجود أجوبة مقنعة ليس فقط لنا بل للشعب اللبناني عموما. ناهيك عن اننا جميعا كلبنانيين لم نستيقظ بعد من صدمة سلسلة انجازات العهد القوي، ملفات فاحت رائحة العفن فيها واستفحلت بدءا من مرسوم التجنيس الى صفقة البواخر الخيالية مرورا بالتعيينات القنصلية وصولا الى التركيبة المشعوذة التي يحاولون فرضها في تشكيل الحكومة.

ورغم اننا واعين جيدا لحجمنا الضخم ولقوتنا الفاعلة ودورنا المفصلي في كل استحقاق وطني الا انهم، وبردة فعلهم في كل مرة نتنفس فيها، يأكدون لنا خوفهم من ثقتنا بأنفسنا ومن إصرارنا على بلوغ اهدافنا والوصول الى غاياتنا مما يرفع من منسوب الهلع لديهم وبالتالي يجعلنا نشعر بالأسى تجاههم لذا نحن ندعوهم للتحلي بأعلى درجات الهدوء الممكنة لكي يستطيعوا الاستمرار بكامل وعيهم في وجهنا.

واخيرا وليس آخرا، نصيحة من اصحاب خبرة في الحياة “ان لم يكن لكم كبير فإشتروا كبيرا وإتعظوا ممن سبقوكم، افتحوا الكتب، طالعوا وثقفوا أنفسكم وكوادركم، على الاقل لتتحصنوا جيدا للرد علينا بطريقة حضارية في الجولة المقبلة”.

دمتم لنا أفرقاء في الوطن نشفق عليكم.

*عضو مجلس قيادة في الحزب التقدمي الاشتراكي