لا لإزدواجية الحقائب الوزارية بين العهد والظل/ بقلم فؤاد طربيه

جرت العادة في لبنان أن يُحدّدْ العهد الحاكم، بشخص رئيس الجمهورية وفريق عمله، الذي عادةً ما يتكوّن من بضعة مستشارين ووزراء ونواب، يختارهم طبقاً لاتفاقه معهم على إستراتيجية الحكم، ويخطط معهم كيفية تنفيذ رؤياه على الصعد الانمائية، الاقتصادية، الاجتماعية والعسكرية. أما حالياً، فقد بات جلياً لا بل دامغاً للقاصي والداني أن العهد مُختصر بالرئيس وبظله، أي به وبصهره جبران باسيل، الذي يملك أجندته الخاصة المستوحاة والمنسقة مع نظيره ومعلمه السوري التي تؤمن لكلٍ منهما مصالحه وأهدافه، وما هدف ”الظل” الا التسلق السياسي حتى ”الخلافة”، ولو على حساب رفات من فيه من ”أوعا خيك” ومن مصالحات وسيادة البلاد ووحدتها الوطنية!

وبالتالي أصبح يُستحيل الفصل بين أقوال وأفعال وربما قرارت العهد و”الظل” التي بمعظمها فيها الكثير من الإزدواجية بالمعايير بهدف تقوية موقف تيارهم الوطني الحرّ، والبعض منها خارقة للدستور، التي لن أدرج تفاصيلها، كالامتناع عن تعيين الناجحين في مجلس الخدمة المدنية وحراس الأحراج، وعدم دستورية قول ”الظل” بأن لا خلاف ايديولوجي مع إسرائيل وحقها بالاستقرار الأمني، فيما الدستور ينص على أنها عدو محتل لارض لبنانية!، ولا في أعلان ”الظل” عن افتتاح عدد من السفارات والقنصليات الجديدة في الخارج وهو خرق المادة ”واو” من الدستور التي تعتبر الحكومة مستقيلة عند بدء ولاية مجلس النواب.

 

في ما يتعلق بإزدواجية ”الظل”

يطالب باسيل بحصة وزارية لتكتل “لبنان القوي” على أساس أنها مؤلفة من ٢٩ نائب، ونحتسب من ضمنها النائب طلال ارسلان والنواب الثلاثة الذين أقرضه إياهم لتشكيل كتلة وهمية، ثم يعود ويطالب بوزارة إضافية ومنفصلة لكتلة إرسلان!

كما وأن تبرير باسيل لتحالفات التيار الوطني الحر النيابية الهجينة مع فئات متناقضة على انها تهدف الي الحصول على كتلة وازنة من أجل دعم العهد القوي، الأمر الذي يؤكد المؤكد، بأن كتلة التيار هي ذاتها كتلة رئيس الجمهورية وليس من حق الظل المطالبة بأي وزير إضافي على أنه من حصة الرئيس!

في إزدواجية العهد

العديد من المعطيات تؤكد أن رئيس الجمهورية قاد جزءاً من حملة التيار الوطني الحر الانتخابية – وللتعداد لا للحصر أدرج التالي منها:

*خلال الحملة الانتخابية للتيار الوطني الحر إنتشرت صور عملاقة للعديد من مرشحي التيار جنباً الي جنب مع صورة رئيس الجمهورية على واجهات الأبنية.

*تصريح الرئيس عون  ”أنا شامل وشامل أنا” من أجل دعم صهره المرشح الثاني.

*اعلان الرئيس عون انه صوّت للائحة الوفاق الوطني في بعبدا، وهي لائحة التيار، وبالتالي الرئيس عون يصّر على أنه مازال جزءاً لا يتحزأ من تياره السياسي، علماً بأنه رئيس لجميع اللبنانيين لو هو شاء ذلك!

أما عن مواقف الرئيس عون الرافضة لمنح رؤساء الجمهوريات أي وزراء، وهي مواقف أطلقها قبل توليه سدة الرئاسة، ففي عام ٢٠١١ خلال مقابلة أجراها معه تلفزيون تياره الوطني الحر (OTV)،  أكد أن الدستور لا يلحظ أي حصة لرئيس الجمهورية ولا يحق للرئيس بالمطالبة بها. ثم أكد مرة أخرى الامر ذاته خلال مؤتمر صحفي إبان إنتخاب الرئيس ميشال سليمان، حيث صرح من الرابية ”أردنا رئيس حَكَمْ وقد أتانا رئيس حَكَمْ وجميع الوزراء يُعتبرون وزراء الرئيس، والرئيس ليس بحاجة لوزراء لانه لا يمكنه تحمل مسؤوليتهم..

وعليه، وإستناداً لتصاريحه وللدستور لا يحق له باي وزير إضافي عن حصة تياره! وفِي حال كان الدستور متوارياً عن أنظاره فثمة مادة وحيدة أود تذكيره به هي المادة خمسون التي رددها لدى حلفانه اليمين امام مجلس النواب،”أحلف بالله العظيم ان احترم دستور الأمة اللبنانية وقوانينها واحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه”

في الختام، ولجميع الزعامات اللبنانية ورؤساء الكتل النيابية التي قَبِلتْ بقانون الانتخابات الهجين بإمتعاض، والذي وفّر للرئيس وظله ولحلفائهما في محور الممانعة أكثرية نيابية قد يستخدمونها لتشريع ما في حال سمحت لهم الظروف الإقليمية بذلك، كتشريع السلاح غير الشرعي على غرار الحشد الشعبي في العراق، وطبعاً يكون ذلك مترافقاً مع وعد منهم لـ ”الظل” بتوليه الخلافة، وهذا هو مبتغاه والهدف الذي يبرر له جميع الوسائل ولو على حساب السيادة والدستور، لا تتساهلوا ولا تتسامحوا بموضوع حصة الرئيس الوهمية من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة العتيدة بحجة الأوضاع الإقليمية الخطرة والاقتصادية المتدهورة، فاللبنانيون تعايشوا مع تلك الظروف لعشرات السنين وبمقدورهم أن يصبروا بضعة أشهر إضافية، ولا تكونوا ملكيين أكثر من الملك، وظله!

(الأنباء)