مكافحة الفساد: هل سيسلك طريقه في هذا العهد أم سيبقى شعاراً للاستهلاك السياسي؟

سامر ابو المنى

لمكافحة الفساد في لبنان قصة طويلة، وكثير من الأحزاب والسياسيين في لبنان حملوا هذا الشعار في أوقات الإنتخابات أو لامتصاص نقمة الشارع، فيما قلة من القوى السياسية أو النقابية عملت بالفعل على محاربة الفساد.

الفساد في لبنان موجود منذ عشرات السنين، ومع كل عهد كانت ترتفع الأصوات المنادية بقطع رأسه، فيصدق الناس ويأملون خيراً، وينتظرون إلى أن ينقضي العهد فلا ينقضي الفساد.

الإستثناء الوحيد كان عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي أنشأ الهيئات الرقابية ومجلس الخدمة المدنية (الذي تُضرب قراراته عرض الحائط اليوم).

وكان مؤسس الحزب التقدمي الإشتراكي كمال جنبلاط من الشخصيات القليلة التي واجهت الفساد والإقطاع وإنحازت إلى حقوق العمال والموظفين وطالبت بالشفافية.

عام 2016، إحتل لبنان المرتبة 136 من أصل 176 في مؤشر مدركات الفساد. يتحكّم الفساد في جميع القطاعات والمؤسسات الحكومية، وهو متفشٍ بجميع الأشكال، بما فيها الرشوة، والاستغلال الوظيفي، والمحسوبية، والاختلاس، وتفوح رائحته من ملفات عدة وصفقات ومناقصات، وتلزيمات.

عام 2017، أُنشئت وزارة دولة لشؤون مكافحة الفساد، وكانت “التوقعات والآمال التي بُنيت على إنشاء الوزارة كبيرة، إلا أن الأيام أثبتت أن إنشاءها لم يحقق أي خطوة في هذا الاتجاه.

فالعهد الذي حمل لواء مكافحة الفساد مرّ عليه أكثر من سنة ونصف السنة، ولم تُسجل له أي حركة جدية وفعلية في مجال محاربة الفساد، علماً أن خطاب القسم تضمن إشارة إلى هذا الموضوع: “الإصلاح الإجتماعي – الإقتصادي، لا يمكن له أن ينجح إلا بإرساء نظام الشفافية عبر إقرار منظومة القوانين التي تساعد على الوقاية من الفساد وتعيين هيئة لمكافحته، وتفعيل أجهزة الرقابة وتمكينها من القيام بكامل أدوارها”.

أما القضاء الذي يفترض به ترجمة قرارات محاربة الفساد، فهو أيضاً إما عاجز، في قسم منه، وإما خاضع للضغط السياسي، فلا حول له ولا قوة. وقد ظهر ذلك جليا أثناء حملة سلامة الغذاء في عهد وزير الصحة السابق وائل أبو فاعور، حيث لم يواكب القضاء الحملة في الكثير من الملفات التي كانت لتطال رؤوساً كبيرة، أو تجاراً محميين.

اليوم ومع الاستشارات لتأليف حكومة جديدة، يعود الحديث عن وزارة مكافحة الفساد، فهل تدور “الأسطوانة” دورتها من جديد أم نكون فعلاً أمام إصلاح جدي؟