جلسة انتخاب بري.. “القوات” و”التيار”: “بلا خيك”!

نوال الأشقر (لبنان 24)

أبعد من المشهدية الإنتخابية التي كرّست بمنطق الديمقراطية التوافقية الرئيس نبيه بري على رأس هذه المؤسسة الدستورية لولاية سادسة، أرسل المجلس النيابي “النسبي” للمرة الأولى بتاريخ لبنان جملة إشارات ومؤشرات، لعل مجال صرفها سيكون في التركيبة الحكومية في بادىء الأمر.

نار تحت الرماد بانت بعض ألسنتها في القاعة العامة، كمؤشر على صراع سيخاض في مسرح الحصص الوزارية لا يستهان بفعله السلبي. بعض ألسنة اللهب تلك بدأت في إخراج حزب “القوات اللبنانية” أو كتلة ” الجمهورية القوية ” من هيئة مكتب المجلس. شعرت “القوات” بمحاولات تحجيمها، وهي الواصلة الى المجلس بكتلة ضاعفت تلك السابقة وأكثر. قالها النائب جورج عدوان على درج البرلمان “هناك محاولات لعزل “القوات” وسنتصدّى للتسويات”. بطبيعة الحال محاولة العزل تلك لم تكن سوى من الأقربين ممن فشلت وإياهم بتكريس “أوعا خيّك”، وسرعان ما استُبدلت بـ “بلا خيّك”. وهكذا خرجت “القوات” من هيئة مكتب المجلس، وكانت تتمثل به من خلال النائب انطوان زهرا كأمين سر الهيئة ليحل مكانه “خيّك” النائب في كتلة “لبنان القوي” الآن عون.

هذا “الوئام ” بين الأخوة جعل “القوات” تنسحب من الجلسة قبل انطلاقها بدقائق، فتعقد اجتماعاً لمدة عشر دقائق وتعود إلى الجلسة، ليتبين أنّها قررت بشكل نهائي سحب ترشيح النائب فادي سعد لأمانة سر الهيئة، وهذا ما فسّره سعد نفسه بالقول “فضلت الإنسحاب عندما لاحظنا تسويات ركبت واستبعدتنا”. كما أن النائب أنيس نصار المرشح لمنصب نائب الرئيس خسر أمام منافسه إيلي الفرزلي العائد إلى المنصب الذي غادره عام 2004 . ولأنّه “وديعة سورية” كما وصّفه عدد من النواب، وهو المرشح من قبل “لبنان القوي”، خرج الوزير نهاد المشنوق قبل البدء بعملية انتخابه .

الجمر الحارق بدا أيضا على خط العلاقة بين “التيار الوطني الحر” و”اللقاء الديمقراطي” أو كتلتي “لبنان القوي” و “المصالحة”. فكتلة “لبنان القوي” التي “استعارت” النائب طلال ارسلان، وهو الواصل إلى ساحة النجمة بالمقعد الذي تركه له النائب السابق وليد جنبلاط، أجلسته في صفوفها، فبدّل “المير” مكانه المعتاد في القاعة وجلس إلى جانب زملائه الجدد، وهو الموعود بمنحه كتلة تضمه إلى النائبين ماريو عون وسيزار أبي خليل، إلى جانبها جلس والبسمة لا تفارق محياه، وكله أمل باقتناص منصب وزاري من الحصة الدرزية. لا بأس في الإستعارة هنا وتركيب الكتل. فالحاجة الوزارية تبرر الوسيلة الباسيلية.

اقترع البعض ضدّ النائب مروان حمادة في أمانة السر بطريقة استفزّت الأخير، من خلال ظهور أوراق حملت اسمي الآن عون واسطفان دويهي، مع ما يعنيه ذلك من عدم مراعاة الحصة الدرزية في هيئة مكتب المجلس. حمادة الحاصل على 76 صوتاً لم يشأ مغادرة القاعة قبل إيصال الرسالة إلى حيث يجب “أشكر المجلس أنّه احترم الميثاقية رغم ألاعيب البعض”، وعلى رغم أنّه لم يسمِّ هذا “البعض” إلاّ أنّ الآن عون سارع إلى الردّ ربما بسبب مسلّة نعرت أبطه “يلي بيتو من قزاز ما بيرشق الناس بحجارة”، قبل أن يتدخل الرئيس بري موجهاً اللوم لعون “شو هيدا الكلام الآن”.

في الشكل بان صراع فريد من نوعه، بطله أيضاً “التيار الوطني الحر”، الذي أراد لرئيسه النائب للمرة الأولى جبران باسيل أن يجلس بمكان يليق بحجمه ومكانته في الصف الأمامي، حيث كان يجلس التكتل سابقاً، ولأنّ مقاعد القاعة العامة المخصصة للنواب غير مكتوبة باسم هذا النائب أو تلك الكتلة، سبق باسيل نواب آخرون إلى الصف الأمامي هذا. وهنا دار نقاش بين باسيل والنواب علّهم يخلون له المكان. استعان باسيل بصديقين هما النائبان ابراهيم كنعان والآن عون من دون أن يفلحا في محاولاتهما التي استغرقت حوالي عشر دقائق، قبل أن يستسلم باسيل ويجلس في الصف الثاني مرغماً.

الجلسة طُويت والعين على ما بعد استشارات التكليف والتأليف، على حكومة تستطيع تحييد صراعات أركانها وحروبهم الإلغائية، والتركيز على مواجهة التحدّيات التي تواجه لبنان، وفي مقدمها العقوبات الأميركية والخليجية على مكوّن لبناني سياسي وشعبي، التهديات الإسرائيلية النفطية، مؤامرات توطين النازحين السوريين ولائحة تطول بحاجات المواطن وحقوقه.