نواب بأقل من 1000 صوت… فما مصير قانون الانتخاب؟

أظهرت النتيجة النهائية للإنتخابات النيابية، هشاشة فاضحة لقانون الإنتخابات الجديد الذي جرى اعتماده كبديل لقانون الـ 60 الذي كان يقوم على النظام الأكثري. هذا القانون الذي شابه الكثير من العورات الدستورية والقانونية لا يمكن له أن يكون القانون الأمثل الذي يوجب اعتماده في كل الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة بعد مطالبة العديد من القوى السياسية بتعديله أو استبداله بقانون آخر أكثر عدالة وإنصافاً لحرية الناخبين.

قانون الـ 60 الذي وضعه الرئيس الراحل فؤاد شهاب في إنتخابات العام 1960 بقي ساري المفعول طوال الفترة الماضية التي سبقت الحرب الأهلية في إنتخابات 1964 و1968 و1972. كما جرى اعتماده بعد تنفيذ إتفاق الطائف في انتخابات 1992 1996. وفي إنتخابات الـ 2000 أضيفت عليه بعض التعديلات وسمي بإتفاق غازي كنعان. وفي إنتخابات 2005 لم يطرأ عليه أي تعديل. وفي إنتخابات 2009 حمل إسم إتفاق الدوحة بسبب التعديلات التي أجريت عليه لمراعاة المسيحيين.

بعد كل التطبيل والتزمير للقانون الجديد القائم على النسبية مع الصوت التفضيلي، فماذا  كانت النيجة التي أفرزتها الإنتخابات التي جرت منذ أيام؟

من الواضح أن هذا القانون لم يسلم من النقد حتى من الذين كانت لهم اليد الطولى في إعداده وإقراره ليصبح نافذاً. لأنه كما بات معلوماً كرس مبداً الطائفية والمذهبية بطريقة أبشع مما كانت عليه في القانون الأكثري الذي راعى هذه الناحية بشكل واضح، كما أنه رسخ مبدأ التنافس ضمن اللائحة الواحدة، وحوّل الحلفاء الى خصوم، وألغى بذلك خيار الناخب وحريته بالإقتراع لمن يشاء. وأول مسمار دقّ في نعش هذا القانون الجديد كان من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي طالب بضرورة الإسراع في تعديله قبل أن يصبح المس به من المحرمات. كما أن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط وصفه في جميع لقاءاته ومواقفه السياسية بالمعقد والمبهم وغير الواضح. كما انتقدته معظم القوى السياسية بإستثناء التيارين الأزرق والبرتقالي وحزب القوات اللبنانية، الذين وجدوا فيه أنه يؤمن لهم حصة وازنة من المقاعد النيابية. ولكن بعد ظهور النتائج الأولية للإنتخابات تبين أن هناك نواباً فازوا بأكثرية 77 صوتاً، ونائب آخر نال 260 صوتأ، وثالث ورابع بما يوازي هذا الرقم أو أكثر بقليل، في مهزلة لم يحصل مثيلاً لها في كل المحطات الإنتخابية منذ استقلال لبنان.

فهل بإلإمكان تعديل هذا القانون وكيف؟

البعض إقترح إلغاء الصوت التفضيلي والإبقاء على النسبية، والبعض الآخر طالب بالعودة الى مشروع المعلم الشهيد كمال جنبلاط القائم على النسبية الكاملة مقابل لبنان دائرة إنتخابية واحدة، من جهته، يرى وليد جنبلاط بضرورة التمسك بإتفاقية الطائف وإعتماد النسبية شرط إلغاء الطائفية السياسية، فيما آخرون يطالبون بإضافة صوت تفضيلي ثان، الى غير ذلك من الإقتراحات التي لاتزال مجرد أفكار خاضعة للنقاش.

في هذا السياق، أوضح الخبير الدستوري والقانوني النائب السابق صلاح حنين لـ “الأنباء” أن هذا القانون جرى اعتماده فقط للأحزاب الموجودة على الساحة السياسية، فالقضية برأيه لا تتعلق بالذين نجحوا بأصوات قليلة جداً. فالقانون بحد ذاته ينسف الديمقراطية. المهم أن يكون هناك قانون يفسح بالمجال للناس أن تعبر عن رأيها بحرية.

وقال: أقل ما يقال عنه أنه قانون فتنة لم ينتج سوى الفوضى، ولم يؤد الى طروحات سياسية يمكن التأسيس عليها لبناء دولة المؤسسات”. وأشار الى أنه أطلق على الصوت التفضيلي إسم الصوت التحريضي، لأنه جعل من الحلفاء أخصاماً وأعداء، مقترحاً الذهاب الى فلسفة مختلفة، والى قانون يفصل على قياس الناخب والمواطن، عندها فقط نصل الى النتيجة المرجوة. أما الذهاب الى تعديل القانون على ما هو عليه فإنه يبقينا في نفس المشكلة.

وقال: “نريد قانوناً للناخب وللمواطن لكي يعبر عن رأيه بحرية، قانوناً يسمح للأشخاص من خارج الأحزاب أن يعبروا عن رأيهم بإرادتهم وليس بإرادة غيرهم”.

صبحي دبيسي – الانباء