دعوا الطائفية جانباً!

ريما صليبا

بُعَيد كل استحقاق او حادثة تحصل يتأكد لي بأن شريحة من اللبنانيين ما زالت تعيش على أحقاد الماضي وبُتُّ على قناعة تامة بأن كثرة الشهادات والتعلم لم ولن تساعدها بالخروج من عقدة النقص التي تعانيها والتي تتجلى بأبشع صورها في التعليق على وقائع تحدث ومجريات امور تُتّخذ. فهذه المجموعة من الناس تحمل في نفوسها المريضة حقدا دفينا تجاه أبناء  وطن واحد، يتشاركون فيه تقاليد وأعراف مجتمعية سادت منذ قرون، نسعى نحن للخروج منها، عكسهم تماما اذ انه اتضح لي ان وجودهم وبقاءهم يقوم على تغذيتها و تنميتها.

غداة حادثة الشويفات الأليمة  خرجت بعض الألسنة للتحدث عن مجتمع طائفي لمنطقة حساسة يعيش على الثأر والأخذ بالتار، منغلق “على ذاته” كلام مردوده واقعهم الشخصي ونمط تفكيرهم وحياتهم هم، واذا ما عدنا بالذاكرة الى الوراء لوجدنا ان من اضطهد نفسه سنين طويلة كان هم، ومن وضع نفسه موضع المصلوب والمجلود كان هم، ومن انغلق على نفسه وجعل من مناطقه إمارة كان هم، ناهيك عن ان من قتل اخاه في الانسانية وفي الطائفة والمذهب بإسم الطمع والجشع كان هم ايضا. اما عندما سألناهم عما اذا حاولوا للحظة وضع انفسهم مكان أهل الشويفات وفقيدها واذا ما كانوا تصرفوا تصرفاً مغايراً لاقونا بالسكوت وعدم الرد وهذا دليل كاف على انهم فيما بينهم يعلمون بان الطوائف لا علاقة لها بكيفية التعاطي مع فاجعة كالتي حصلت. فالشهيد شهيد بالنسبة لأهله ولأبناء منطقته، لا علاقة للسنية ولا للشيعية ولا للمسيحية بها، مع احترامي الكامل لكل الاديان والطوائف. فالفقيد انسان قبل كل شيء، عزيز وقريب لنا، قضى بظروف بشعة، بطريقة غادرة، لو كنتم انتم أهله اما كنتم لتعلنوا النفير وتنتفضوا مطالبين بتسليم الجاني؟؟

دعوا الطائفية جانباً ولو لمرة واحترموا مشاعر كافة من يسمع مستوى حديثكم فقد بتُّم مقيتين فعلا.. اما وتعليقا على ان مجتمعاتنا منغلقة على ذاتها، فأني لم أجد لكم جواباً سوى العودة الى نتائج إنتخابات  البارحة والتي أثبتت حقيقة لن تفهمها عقولكم الصغيرة مفادها ان الحزب التقدمي الإشتراكي، اليساري، العلماني، العابر للطوائف والمناطق هو قاعدة أساسية في الشويفات كما في كل لبنان فكيف تكون مجتماعتنا منغلقة بوجود أناس مثلنا في كل المناطق؟

فالإنغلاق على الذات داخل مجتمع ضيق يعيش على سياسة نبش القبور على الطالع والنازل وعلى المطالعة بكتب حوادث الماضي لتنمية غرائزه ولتشرُّب كأس الحقد السام هو في أذهانكم المريضة التي ما تزال حتى اليوم تتربص للإنقضاض على حزن وجراح الآخرين.

نعم، حادثة الشويفات نغّصت فرحتنا بالنصر صحيح وإستشهاد علاء كان ضربة موجعة أنستنا نجاح ما حققناه البارحة، مع إضافة مهمة: “ان من كان بوصلته وليد جنبلاط لا يستطيع إلا ان يتعالى عن لغة التحريض ونبش القبور المقيتة والأخذ بالثأر فقد كنا وسنبقى متسلحين بلغة الحكمة والعقل في التعاطي مع الأمور كافة، هكذا تعلمنا من مسيرة المعلم كمال جنبلاط وهذا ما نستمده من قوة وصلابة وليد جنبلاط.”

فبدل من ان تضيعوا وقتكم وطاقاتكم بتحليل واقع مناطقنا ومجتمعاتنا  انصرفوا الى عد وإحصاء خسائركم في المناطق كافة  واعملوا جاهدين على لمّ شملكم  وإصلاح بيتكم الداخلي الذي تصدّع كفاية، علّه بذلك تغيرون نظرتنا بكم…

*عضو مجلس قيادة في الحزب التقدمي الإشتراكي