تيمور جنبلاط مؤتمن على علاقة والده وبري ومستاء من خطاب “تيار المستقبل”

رضوان عقيل (النهار)

لم تأتِ زيارة تيمور جنبلاط لرئيس مجلس النواب نبيه بري في إطار الزيارات البروتوكولية التي يقوم بها لشخصيات سياسية ودينية عشية الامتحان الاول له في الانتخابات النيابية، حيث يترأس لائحة “المصالحة” في دائرة الشوف – عالية. وسبق ان زار عين التينة أكثر من مرة، لكنه هذه المرة قصد المصيلح من موقعه للمرة الاولى، ليطل على الجنوب من بوابة زعامته، موجّها رسالة الى كل من يعنيه الامر بتأكيده ترسيخ العلاقة القائمة بين الفريقين منذ ما قبل اتفاق الطائف، والتي لم يقدر أحد على كسرها إلا عام 2005، الى حد ما، عند استشهاد الرئيس رفيق الحريري، لكن المخضرم غازي العريضي تمكن من الحفاظ على هذا الخيط الذي لم ينقطع في عزّ الازمة وفي خضم اعلان المختارة العداء المفتوح للنظام السوري.

وعلى الرغم من العلاقة التي ربطت بين جنبلاط والحريري الأب، لم يكن الترابط وثيقا بين التقدمي و”أمل”. وعندما يشير البعض – أولهم الوزير جبران باسيل – الى الصفحات السود من الحرب ويصوّب على الميليشيات، يقصد بري وجنبلاط، علما أنهما لا يخجلان بتاريخهما ولا يخفيان صفحات هذا الماضي، لا بل يفاخران به لأنه حافظ على لبنان في رأيهما ونقله من ضفة الى أخرى. وقد تمكّنا من إرساء معادلة جديدة في البلد والسلطة، ويعملان اليوم على تثبيت الانجازات بعدما سلم جنبلاط نجله هذه الامانة، ليكون جسر هذه الاستراتيجية مع الشيعة، مهما حصل من متغيرات في البلد والاقليم.

ويحلو للنائب وليد جنبلاط ان يردد في مجالسه “يا ريت عندي حليفين مثل نبيه بري”. وينصح لنجله بالحفاظ على هذه العلاقة التي لم يقتصر مفعولها على الحركة فحسب، بل شملت “حزب الله”. وفي المقابل، لن يبخل بري في احتضان تيمور في المجلس المقبل، ورعايته ودعمه ليثبت موقعه أكثر في ملعب الزعامة الدرزية. ويظهر هنا تموضع مبكر لمعركة الاحجام في عملية تشكيل البرلمان والحكومة المقبلين.

والواقع أن بري، الخبير المحلف بـ”السلالة الجنبلاطية”، واكب ثلاثة أجيال منها. وكان قناة الاتصال بين الامام موسى الصدر وكمال جنبلاط – لم تكن علاقتهما مستقرة تماما- وطورها مع الإبن وسيستكملها اليوم مع الحفيد. ولسان حال رئيس المجلس هو “تيمور مثل إبني”. ويركز الأخير في مجالسه على تصميمه على صون المصالحة في الجبل وطي صفحة المهجرين. ولا يخفي استياءه من تصاعد موجة الخطأ الطائفي، مؤكدا أن اللعب على العصب المذهبي ينتهي مفعوله في السادس من أيار المقبل، لكنه سيخلف جملة من الارتدادات السلبية على اصحابه وعلى البلد، معتبرا أن بعض الخطابات يذكّر بأيام الحرب السوداء.

ولا يخفي التقدمي انزعاجه الشديد من طريقة تعامل “تيار المستقبل” مع الطائفة السنية ومحاولة تصويرها كأنها تمر في خطر، ويعمل كأنها مسجلة باسمه، ولا يتعاطى مع الآخرين من الحلفاء على قاعدة الشراكة المطلوبة. ويجزم بأن هذا التشدد لا يفيد احداً، مع اعترافه بأن هذا الاسلوب لا يخدم لائحة “المصالحة” في الجبل. ولا تقتصر الملاحظات الجنبلاطية على إقليم الخروب، بل تمتد الى البقاع الغربي وتنعكس سلباً على النائب النشط وائل ابو فاعور الذي نجح في نسج علاقات ممتازة مع فئة واسعة من ناخبي القواعد السنية، وهي الاكبر في هذه الدائرة المتنوعة. ولكل هذه الاسباب وغيرها، اعتذر تيمور عن عدم تلبية دعوة رجل الاعمال سمير الخطيب الذي استضاف الحريري امس، وعدم مرافقته الى برجا، بما يشير الى أن العلاقة بينهما لم ترمم ولم تسوّ بعد. وفي المناسبة، كان بري لا يعارض التحالف مع جنبلاط في بعبدا، بدل ان يكونا في لائحتين متنافستين، لكن جملة من الامور فرضت عليهما هذا “الطلاق الحبي” لاسباب معروفة، أولها الحفاظ على “شعرة معاوية الانتخابية” بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”.

وبالعودة الى محطة تيمور، البك الصاعد الى المصيلح، فقد جاءت بعد استقبال الوزير طلال أرسلان الحريري في حاصبيا حيث يواجهان “حزب الله” معاً في دائرة الجنوب الثالثة، ولا سيما ان “تيار المستقبل” يستعمل الاسلحة كافة للفوز بالمقعد السني في مرجعيون، ليكون من نصيب مرشحه عماد الخطيب، فيمنع النائب قاسم هاشم من الاحتفاظ به. وتحسباً لخسارة هذا المقعد، اتخذ “الثنائي الشيعي” جملة من الاحتياطات اللوجيستية والرقمية في مرجعيون- حاصبيا.

ويبقى ان جنبلاط الاب “قرفان” من كل هذا المشهد، ليس من باب ملاحظاته على صواريخ الـ”توماهوك” في استهداف سوريا فحسب، بل من زاوية قانون الانتخاب أيضا وضجيج “ماراتون” الصوت التفضيلي، وارتفاع منسوب المذهبية في اطلاق الخطابات والمواقف. وفي زحمة الهواجس التي تسيطر على من يمسك بناصية الدروز وقلقه على مستقبلهم، فقد سمع كلاماً من صديق عتيق للمختارة دعاه الى عدم الخوف على تيمور ومسيرته “حتى لو بقينا وحدنا”. وذكره بأن والده بستة نواب او أقل قارع بشارة الخوري وكميل شمعون وحكومات، وتحول زعيماً عربياً، وتيمور “قادر على حمل أرث المختارة والذود عنها”.