الإصلاحيون الحقيقيون: إعادة تعريف!

وهيب فياض

عندما بدأ الحراك المدني أسرتنا الطروحات والمفردات التي أطلقها، لأننا جميعا نتوق الى الوطن المثالي وابهرتنا المواقف البراقة المعتمدة على فضح المستور مع انها لم ترق الى طرح برامج للتغيير، ولكنها على الأقل حركت فيناحبنا للتغيير وتوقنا لبناء دولة القانون والمؤسسات الحقيقية.

ولكن عندما جاء زمن الانتخابات ذاب ثلج النقاء وبان مرج نوايا الطلقاء (تيمنا بقول النبي العربي اذهبوا فأنتم الطلقاء) فإذا الشعارات سلالم لتسلق السلطة المخلعة دون كسر هذا السلم او إصلاح درجاته واذا المواقف غطاء لأحلام انتهاز الفرص وجنون العظمة حاضروا في النزاهة، والتنزه عن المناصب الا اذا كانت باب التغيير لمصلحة الناس، فلما جاء زمن الترشح للانتخابات ترشحوا بالمئات فقلنا حسنا فعلوا مادام
هدفهم يماثل شعاراتهم، فإذا بهم يتناطحون قبل ان يناطحوا، ويجنحون نحو الفردية، دون ان يُستفردوا، ويطمحون للمناصب قبل ان يتنصبوا، ويختلفون على جلد الدب قبل ان يصطادوه، ويدوسون على شعاراتهم لترفعهم بدل ان يرفعوها، ويلتفتون الى ذاتهم ليحققوها بدل تحقيق اهدافهم المعلنة.

ولو كانت هذه الظاهرة محدودة في تيار منهم او في دائرة انتخابية واحدة، لقلنا ان مسيرات التغيير تحتمل ان يكون فيها بعض المتسلقين والوصوليين والانتهازيين، كما علمتنا التجارب. إما أن تكون الظاهرة عامة، في كل الدوائر الانتخابية، وداخل كل تيار او حركة او حزب ممن أنتجهم الحراك المدني، مما جعل كلا منها في داخله، ومع بقية من هم من جنسه، برج بابل، كل يغني على موال شخصه، ويسوق نفسه على انه المخلص والمنقذ، وان غيره سواء من جماعته او من جماعة غيره، متسلق اذا أراد الترشح، وانتهازي اذا طمح بالوصول الى البرلمان، فاختلط حابل الحراك المدني بنابل الترشيح الانتخابي، ليولد اكثر من لائحة تحت اسم الحراك لا في كل دائرة، بل حتى ضمن كل مجموعة. والادهى من ذلك ان الكثيرين منهم انضموا الى لوائح تشبه كل شيء الا الحراك المدني.

الان عرفنا ان الحراك المدني الحقيقي هم أولئك الذين، ايدوا الشعار، ورفضوا الممارسة، واختاروا ضمائرهم، وان كانوا منتمين، وغلبوه على انتمائهم اذا كان الخيار صحيحا، معتقدين ان الشعارات وراءها رسالة سامية.

اما الان وبعد ذوبان الثلج فليس للناس الا ان تعرف الى أين ستؤدي الشخصنة والنرجسية لمن قدموا أنفسهم على انهم رسل ومنقذين ، لا اطماع شخصية لديهم وهمهم ينحصر في اعلاء شأن الوطن وبناء الدولة المدنية.

ان لوائح هوءلاء وهي بالعشرات سوف تقود الى رفع الحاصل الانتخابي العام ومن ثم وبسبب عدم حصولها على النسب اللازمة لمتابعة السباق، ستخرج منه مخرجة معها أصوات من انتخبوها، لتزيد حصص اللوائح الكبرى، التي تحتوي على خليط غير قابل للهضم، سيعزز فرص الفساد والهدر، والإبقاء على من قام المجتمع المدني تحت شعار إسقاطهم من الحياة العامة.

لو كان ارباب المجتمع المدني إصلاحيين حقيقيين، لاتفقوا على مجموعة محددة منهم، تخوض الانتخابات على مستوى الوطن فارضة نفسها على اللوائح من داخلها بقوة جمهورها، وصحة اختيار الإصلاحيين الحقيقيين ذوي المصداقية او لاتفقوا على لوائح تشبه شعاراتهم.
ولكنه لبنان، كل من ظهر فيه على شاشة، يظن نفسه صاحب الحق في التمثيل.

انه وطن القنابل الصوتية والدخان، التي لا يدوم تأثيرها الا على مدى الصدى ، ولا تحجب الصورة الا على مدى تبدد الدخان.

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم وهيب فياض

جنبلاط يهادن مجدداً وينعي اتفاق الطائف

أيها المعلم المشرق علينا من عليائك

نزار هاني: أرزتك أطول من رقابهم!

ما وراء خطاب العرفان!

عن الفتح المبكر للسباق الرئاسي: قتال بالسلاح الأبيض والأظافر والأسنان!

عهد القوة ام العهد القوي؟

من موسكو: تيمور جنبلاط يجدل حبلاً جديداً من “شعرة معاوية”!

لجيل ما بعد الحرب: هذه حقيقة وزارة المهجرين

حذار من تداعيات إزدواجية المعايير!

عن دستور ظاهره مواطنة وباطنه عفن سياسي!

لا تحطموا برعونتكم أعظم إختراع في تاريخ الديمقراطية!

رسالة من العالم الآخر: من أبو عمار إلى أبو تيمور!

لتذكير من لا يذكرون: تجارب وزراء “التقدمي” مضيئة وهكذا ستبقى!

يحق لوليد جنبلاط أن يفاخر!

تبيعون ونشتري

إنه جبل كمال جنبلاط!

إلا أنت يا مير!

ادفنوا حقدكم لتنهضوا!

مطابق للمواصفات!

خيارات المختارة وتحالفاتها: قراءة هادئة!