ثوابت تربط الماضي بالحاضر والمستقبل

عبدالله ملاعب

أنباء الشباب

مع كل إستحقاق وطني تطل علينا أقلاماً حبرها زائل، ومقالات كتبت لتطرب مسامع من يهوى بمحولات فاشلة، التقليل من شأن الحزب التقدمي الإشتراكي، عبر حججٍ أسقطها تاريخ لا يُزوِّر، فما كان أمام صاحبها إلا خيار نبشها من القبور وتحنيطها بمادة مُنتهية الصلاحية!
فالتحدث اليوم عما يربط مسيرة وليد جنبلاط وحزبه، بمسيرة كمال جنبلاط مؤسس الحزب عينه، لم يعد لغزاً غامضاً أو شيفرة لا بدّ من فكّها. فعين الشمس مشرقة والمرج واضح بصيفه وشتاءه، والكتابات الفايسبوكية أو الحملات الالكترونية الهادفة لتضليل الرأي العام، لم تعد تجدي نفعا فالتكاذب على الشعب أصبح اليوم أمرا صعبا بل مستحبلا.

كلما أتت محطة وطنية أو ذكرى خالدة، تظهر معادلات لا تجذب من يقرأ ليتزودّ بخبر جديد أو تحليل صائب، بل تجذب فقراء الكلمة. فالحديث عن تبدلات جذرية كامنة بالحزب التقدمي الإشتراكي بعد إستشهاد مؤسسه، كأسطوانة إبريق الزيت التي تتكرر دون أدنى شروط المنطق أو العقلانية.

كمال جنبلاط كان أول من أسس جبهة وطنية جامعة ضمت عام ١٩٦٩ جملة من الأحزاب اللبنانية الوطنية التي نادت بإصلاح النظام وحَمِلت لواء عروبة لبنان. فحتى يومنا هذا، لايزال برنامج الحركة الوطنية اللبنانية، يحيا في ذاكرة لبنان الذي إجتمع وقتذاك أكثر من سبعين بالمئة من سكانه، في صفوف الحركة الوطنية التي دمرت جدران الطوائف اللبنانية ولملمت لبنان العربي المستقل الطامح بالقضاء على نظام الطائفية السياسية، فإستشهد من إستشهد دفاعاً عن عروبة لبنان النهائي لكل مواطنيه، وكانت كلمات كمال جنبلاط الأشهر “هددناهم بأخذهم الى حقبة ما أحبّوها، ألا وهي حقبة الديمقراطية والإصلاح”. كذلك، فعل وليد جنبلاط الذي أسقط أولاً إتفاق ١٧ أيّار ١٩٨٣، وقاد ثانياً، بجانب نخبة من الوطنيين الحقيقيين، شعاع ثورة الأرز اللبنانية التي نادت بتحقيق الإستقلال الحقيقي عبر طرد نظام الوصاية، فإستشهد من إستشهد دفاعاً عن المسلمين والمسحيين. وكان خطاب وليد جنبلاط الشهير “لن ينالوا من عشقنا للحرية”. وإقترنت هذه الخطابات بمواقف وطنيّة مشرفة بدأت منذ عام ١٩٩٨ عندما إعترضت كتلة وليد جنبلاط على إنتخاب إميل لحود وعارضة السلطة بكل أقسامها، إحتراماً لتاريخ جبهة النضال الوطني الذي كان قد أسسها كمال جنبلاط لتحيا تحت قاعدة النضال بعيداً عن القمع أو التبعيّة لأي نظامٍ خاريجي، أياً كان.

على خط آخر، واكبت نشأة الحزب التقدمي الإشتراكي عام ١٩٤٩، مصالحة جوهرية أرساها كمال جنبلاط، عبر ضمّ شخصيات من كافة أرجاء البلاد، وجمعها تحت راية الحزب الذي إنتشر فتأسس من أصحاب العمامات الإسلامية وتلك المسيحية وكل من أمن بشعار “مواطن حر، شعب سعيد” فإتخذ من التقدمية نهجه تاركاً خلفه الطائفية الضيّقة. عليه، إنتشر فكر الحزب من أقصى الشمال اللبناني إلى أقصى الجنوب اللبناني وأتى كلام كمال جنبلاط: ” نحلم بالمسؤول الفريد الذي يتجرأ على توقيف كل لبناني يقوم بدعاية طائفية”. أما وليد جنبلاط، ثبّت عام ٢٠٠١ مفهوم المصالحة فمارسها بلحظة تاريخية دفن فيها الماضي الأليم نهائياً، فنهض جبل كمال جنبلاط بشقيه المسيحي والإسلامي بخطوة إستثنائية لتاريخٍ لبناني لن ينسى قط شموخ وليد جنبلاط أو بطريرك السلام، الكاردينال مار نصرالله بطرس صفي! وها نحن اليوم بعد ١٧ عاماً، لانزال مع وليد جنبلاط نردّد: “المصالحة خيارنا والحفاظ عليها قرارنا”. لعل صغار النفوس المشككين بالمصالحة، يدركون أن رؤيتنا لوحدة الجبل لن تهتز مهما حاولوا إشعال فتيل الفتنة لتسويق أسماءهم العابرة.

سيبقى الحزب التقدمي الإشتراكي حزب العمال والمثقفين، حزب الوطنيين كل الوطنيين، والأهم من كل ذلك حزب إشتراكية كمال جنبلاط التقدمية، لا إشتراكية كارل ماركس أو فلاديمير لينين. دعو الحزب يمضي قدماً بتاريخه المشرّف، واقعه الحكيم، ومستقبله الشبابي. ولتكن المقاربات والمقارنات منطقية، واتركوا الحكم لصناديق الإقتراع التي حتماً ستنصف لائحة المصالحة وتيمور جنبلاط. فسيأتي يوم السادس من أيّار ليكلل فوز لائحة تيمور جنبلاط حبيب الشعب، ليس لأنه إبن وليد جنبلاط، أو حفيد كمال جنبلاط، بل لأن الشعب أدرك أن تيمور تقدمي الفكر، فبات الصوت الصارخ بعقلانيته، الأقرب بواقعيته، والأجدر بتحطيم صورة الزعيم التقليدية والخطابات البلورية التي عان الشعب منها ما عناه!

(أنباء الشباب، الأنباء)