لبنان لا تطبيع ولا علاقات…
فيصل مرعي
15 فبراير 2018
إن كل التطورات تشير الى ان الوضع الاقليمي ليس على ما يرام. فإقليمياً الوضع على قاب قوسين او ادنى من الانهيار، والجميع في حالة من القلق، لا سيما لجهة ما يجري من استفزازات وتحديات من قبل اسرائيل حيث لا زالت تهدد وتتوعد، غير عابئة بعواقب الامور. وقد بان ذلك من خلال ما تقوم به من تعديات وقرصنة على مياهنا الاقليمية، وحدودنا الجنوبية، ناهيك عن تصرفاتها الاخير بخرقها الاجواء اللبنانية، وصولاً الى سوريا، والقيام بضربات امام الرأي العام العالمي، دون حسيب او رقيب، ودون ان ينبس احد بكلمة!.
السؤال: هل ستبقى اسرائيل في حالة من الفلتان دون رادع او زاجر. وهل ان العرب في حالة ميؤوس منها، فيا لشهامتهم بسحق اسرائيل ( وأي سحق!) ويا للانتصار (وأي انتصار!) . فغدهم ليس كأمسهم الزاخر بالانتصارات يوم امتد نفوذهم الى المقلب الثاني من الكرة الارضية، يا للعار! لقد وصلنا الى اسفل درك، واصبح نهارنا ليل بهيم، وانقلبت حالنا من حال الازدهار والتقدم الى حال السوء، والى ما قبل عصور الظلام.
في كل الاحوال، مواصلة اسرائيل تهديداتها، والعرب صم بكم، يعني ان لا قيامة لهم في المدى المنظور، خاصة وانهم يتخبطون بين بعضهم البعض خبط عشواء، متناسين القيم العربية الاصيلة التي كانت سبباً من اسباب نهوضهم، وقيام عصورهم الذهبية، وثبْت قدمهم في كل مكان.
البعض يطمئن ان لا موجب للقلق، خصوصاً وان المبعوث الاميركي اكد ان لا قواعد اشتباك، لا سيما فيما يتعلق بلبنان. هذا، هراء بهراء، وكلام بكلام، خاصة وأن اسرائيل تتمادى في إقامة جدار بمحاذاة لبنان، بل على جزء من أرضه. وطالما ان هنالك نزاعاً حول ثرواته النفطية، وموارده، وخيراته. وما يؤكد انتهاك اسرائيل لارضنا واجوائنا، هو خرقها للقرار 1701 وتجاوزها لكل القرارات الدولية، ومواصلتها بناء الجدار الاسمنتي على ما يقارب نصف الحدود الجنوبية. وهذا، ليس بجديد، فهي تقوم باختراق اجوائنا، وقضم ترابنا منذ ما يزيد على خمسين سنة ونيف. صحيح ان الجميع يودون نزع فتيل الجدار، وتثبيت الاستقرار، ولو بالحد الادنى. وصحيح ان الكل مزمع على توحيد الصف والكلمة في لبنان، في مواجهة اسرائيل. وصحيح ان القرار 1701، قد لجم اسرائيل عن التمادي في سلوكها الى حد ما (وأي سلوك!)
في وقت علمتنا الايام ان اسرائيل لم ولن يُؤمن لها جانب، خصوصاً وأنها لم تحترم يوماً سيادة لبنان وحرمة اراضيه..
في مُجمل القول: المطلوب من لبنان ألاّ يتنازل عن حقوقه المشروعة، وأن يبقى على اهبة الاستعداد، دفاعاً عن الكرامة والسّيادة، خاصة وان هذه الدولة الغاصبة، ومنذ نشوئها تعلن غير ما تبطن. إن ما قامت به اسرائيل ليس بحدث عابر، بل حدث يستحق الاهتمام، وسلسلة من سلسلة اعتدائاتها المتكررة. وعلى ما نعتقد ان لبنان جاهز للتصدي لأي عدوان اسرائيلي بعدما بلغ السَّيل الربى. فالحذر الحذر من شر صهيون وصحبه. فالضمانات لم تعد تُجدي نفعاً، الضمانات الوحيدة، وحدة الموقف، عسكرياً ودبلوماسياً، المدعّم بهذا الثالوث المقدّس الجيش، والشعب، والمقاومة، فكيف اذا هبّ وعزم الشعب، كل الشعب، متناسياً كل الاشكالات والتوترات الداخلية الشكلية؟
لا، لن تستطيع اسرائيل تطبيع لبنان، ولن يكون جزءاً من نظامهم، وكيانهم، وحدودهم. لا ، لن كَهُم، ولن يدمر احد غده واستقلاله الواعد…
(الأنباء)