لبنان لن يتراخى… هل تتلقف واشنطن الرسالة؟

لا تقف “ثلاثيّة” بعبدا مكتوفة الأيدي أمام الأطماع والاعتداءات الإسرائيلية، ففي اجتماع الرئاسي الثاني في غضون أسبوع في قصر بعبدا بعد “قطوع” الخلاف بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، حُسِم المحسوم: نفط البلوك التاسع في المنطقة الخالصة لنا؛ لا جدار اسمنتيًا على الحدود الجنوبية؛ وسنتصدّى لأي عدوانٍ من الجانب الإسرائيلي.

كرّس الرؤساء الثلاثة معادلة المواجهة الجديدة غداة حدثٍ بارز وعشية حدثٍ بارز. الأوّل توقيع لبنان رسميًا اتفاقيَتي الاستكشاف رغم الأطماع الإسرائيلية، والثاني زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لبنان بعد ساعات وما ستحمله هذه الزيارة من أهمية نظرًا الى ما سيحمله تيلرسون نفسه من رسال لبنانيّة واضحة مرتبطة بالاعتداءات الإسرائيلية.

وتأتي زيارة تيلرسون بمثابة استكمال لما أرساه مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد في خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان والتي كانت الاعتداءات الإسرائيلية محورَها حيث كان دور ساترفيلد أشبه بوساطةٍ بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي لوقف أعمال بناء الجدار الفاصل جنوبًا. وفي هذا المضمار، يبدو أنّ “إسقاط طائرة أف 16 الإسرائيلية فوق الأراضي الفلسطينيّة بصاروخ روسي فرمل أعمال إسرائيل على الحدود الجنوبيّة من دون أن يردعها، علمًا أنّ الجيش مُنِح ضوءًا أخضر للردّ على أيّ عدوان بلا ترُّدد”.

ووسط قناعةٍ راسخة لدى المسؤولين اللبنانيين بعدم استعداد إسرائيل لأي حربٍ راهنًا رغم كلّ ما يُحكى عن سيناريوهات الردّ المستقبلية على جبهتي لبنان وسورية، يعوّل كثيرون على الدور الأميركي “المُهدّئ”. وفي إطار الزيارة، علمت “الأنباء” أنّ قبل وصول تيلرسون بساعاتٍ تصل بعثة تضمّ مفرزة سبّاقة وظيفتها تنظيم زيارة وزير الخارجية الأميركية وفي مقدمة البرنامج زيارة الرؤساء الثلاثة”.

يؤمن كثيرون بأنّ زيارة تيلرسون لن تحدث فارقًا لصالح لبنان بقدر ما ستكرّس “التراخي” الأميركي في مقاربة الاعتداءات الإسرائيلية. ويمكن استقاء هذا التراخي من خلال الصحف الأميركية التي استبقت زيارة تيلرسون بتلميحات وتحليلات نُشر أبرزها في صحيفة “واشنطن بوست” في مقالٍ خاص ترجمت “الأنباء” بعض مقتطفاته وجاء بعنوان: “جدار إسرائيل على حدود لبنان فعل دفاعي وليس فعلًا عدائيًا”. ويشير صاحب المقال إلى أن “الجدار من شأنه ردع الاعتداءات من الجانب اللبناني على الداخل الإسرائيلي من جانب حليف إيران “حزب الله”. وتتابع الصحيفة: “حكاية الاعتداءات على إسرائيل من لبنان طويلة منذ النكبة إلى حين انسحاب إسرائيل من لبنان واستمرّ بعد ها الانسحاب”. وتتهم الصحيفة الأميركية الجيش اللبناني بخرق قرار الأمم المتحدة 1701 والسماح لحزب الله بتطوير أسلحته وتحضير حرب ضدّ إسرائيل”.

ويأتي هذا الكلام الأقرب الى الإشارة إلى “مظلومية” إسرائيل غيرَ متماهٍ مع حقيقة ما خرجت به صحيفة “هآرتس” بعنوان: “سياسة الردع الإسرائيلية في لبنان فشلت”. وتشير الصحيفة في المقال الذي نُشر باللغة الإنكليزية على موقعها الإلكتروني وترجمت “الأنباء” مقتطفًا منه إلى أنه “بات واضحًا أنّ على إسرائيل تعديل استراتيجيها وتبني استراتيجية جددة في ظلّ تطوّر هائل لمنظومة إيران وحزب الله العسكرية والتي باتت تضم أكثر من 130 ألف صاروخ”.

رامي قطّار- “الأنباء”