أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض

ريما صليبا

أقر مجلس النواب قانون سلسلة الرتب والرواتب الذي تناول بعض الاصلاحات في الادارة ومنها مسألة الصناديق، وشمل القانون نص يلزم الحكومة أن تقوم خلال سنة بوضع نظام موحد للتقديمات الاجتماعية يشمل العاملين في القطاع العام، ومنهم الجهاز القضائي، بالإضافة إلى النص المتعلق بالعطلة القضائية. ثارت ثائرة القضاء الذي اعتبر أن السلطة القضائية مستقلة ولا يجوز للمشرع أن يتناول هذا الأمر، واستطراداً طرح موضوع جداول رواتب القضاة.

اعتكف القضاء عن العمل، باستثناء بعض الحالات القضائية لا سيما منها الجزائية، كما وقف إلى جانب القضاء بعض الجمعيات منها على سبيل المثال المفكرة القانونية التي تضم 23 جمعية.
في هذه الأثناء اتخذ مجلس الوزراء قرار بإعفاء القاضي شكري صادر من مركزه كرئيس لمجلس شورى الدولة ونقله إلى رئيس غرفة في محكمة التمييز.

مجلس الوزراء

في الشكل هنالك نظرية تَوازي الاشكال (Parallélisme des forms) مما يعني من له سلطة التعيين له سلطة العزل، وتعيين رئيس مجلس شورى الدولة من صلاحية مجلس الوزراء، بالتالي تعيين رئيس جديد لمجلس الشورى هو من صلاحية مجلس الوزراء.

أما من الناحية العملية إن يستباح القضاء، خاصة الاداري الذي هو حامي الحقوق، استباحة تعيدنا الى عهد الملك لويس الرابع عشر ومقولته الشهيرة “أنا الدولة” والتي لا زالت حتى اليوم تلقى الانتقادات. مع العلم ان مجلس الوزراء ارتكب مخالفة لنص المادةالخامسة من قانون القضاء العدلي، عندما ضمن قراره تعيين القاضي صادر رئيس غرفة في محكمة التمييز، لأن هذا الأمر من اختصاص مجلس القضاء الأعلى الذي خوله القانون إعداد مشروع التشكيلات القضائية.

القضاء-اللبناني

مجلس القضاء والقضاة والجمعيات التي تدعمهم استمرت في اعتكافها وزارت المرجعيات واصدرت المواقف، والجمعيات الداعمة عقدت الحلقات وأطلت على الشاشات، إنما بقيت ملاحظاتها ومطالبها محصورة بصندوق تعاضد القضاة أساساً واستطراداً سلسلة رواتب القضاة والإجازة القضائية.

كنا نأمل أن يتخذ القضاء، كسلطة مستقلة وكمجلس قضاء وكقضاة، كما الجهات والجمعيات الداعمة لاستقلاليته، كنا نأمل ان تتضمن مطالبهم مسالة القاضي شكري صادر، بالأقل لناحية نقله الى رئيس غرفة في محكمة التمييز، وان تتم اثارة مسالة عدم جواز نقل القضاة اعتباطياً أو تشفياً من احكام اصدرها تحمي حقوق المواطنين.

الملفت رد مصادر في التيار الوطني على كلام القاضي شكري صادر، حيث اكدت هذه المصادر ان اقالة القاضي صادر ما هي الا البداية.

في كتاب كليلة ودمنة يروي ابن المقفع رواية على لسان ثلاثة ثيران وأسد، وصل الثور الاسود الى نتيجة لخصَّها بالقول المشهور “أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض”.
* عضو مجلس قيادة في الحزب التقدمي الإشتراكي