الغياب المعيب للعدالة الإجتماعية!

لما حاطوم

أنباء الشباب

لقد نشأنا في مجتمعات متشابهة في أشياء ومتناقضة بأخرى. كبرنا على أساليب وأنماط تشبه أساليبنا من جهة وتعارض معتقداتنا من جهة معاكسة. ولكن في كل مرة كنا نتعمق في تلك المجتمعات كنا نؤكد أن توحدنا واضح وأن صرختنا موحدة وأن موقفنا لا يجوز، ولا يكون، ولا يصلح أن يكون إلا موقفٌ صاخبٌ موحدٌ وجبارٌ!

أين هو النظام الاجتماعي العادل الذي يمثلنا؟ وأين هي المعادلات الاقتصادية المتوازنة التي تشملنا؟! ليس هناك نظام إجتماعي، ولا معدلات إقتصادية محقة وعادلة تمثلنا.. بل هناك غياب معيب للعدالة الإجتماعية!

لقد ناضل المعلم الشهيد كمال جنبلاط من أجل أن يسلط الضوء على نوافذ مغلقة وجدران عالية لكي يهدمها. لقد ناضل ليحول هذه الغابة التي نعيش مع وقعها الأليم وينقلها من غابة ذئاب إلى مواطن حر وشعب سعيد، لكي نصل للمعاملة العادلة والحصص التشاركية من خيرات المجتمع المحقة للجميع.

كما ركز في تعاطيه مع هذه القضية على أن يكون للحزب الاشتراكي دورٌ كبيرٌ في بناء المجتمع على أساس الديمقراطية الحقيقية. هذا المجتمع الذي يجب أن تسوده الطمأنينة الاجتماعية، والعدالة، والرفاهية، والسلام، والحرية، وتأمن فيه حقوق الانسان بشكل محترم.

ولكن عن أي طمأنينة وعدالة وحرية نتكلم؟ عن فجوة طبقية تتزايد مع مرور الزمن؟

وعن ثروات هائلة ترتفع وتتصاعد؟ فعلينا أن ندرك حقيقة أيامنا هذه بأن الفجوة بين فقراء العالم وأثريائها تزداد إتساعاً.. الأمر الذي أدى إلى إتساع الهوة والخلافات بين البلدان والمجتمعات في البلد الواحد والمسألة التي تجعلنا جميعاً أن نفكر مالياً بهذا إلى إتساع، والعمل على طمر تلك الهوة بإيجاد الطرق والحلول لتحقيق العدالة ضمن نطاق الدولة التي ننتمي لها، علماً أن من خلال اعادة توزيع الثروات على طبقات المجتمع فهذه الهوة تتقلص تدريجياً.

وبهذه الأسئلة التي نطرحها من واقع موجع نعيشه، نعود إلى فكر المعلم لنعرض بعضاً من البنود الذي نادى بها، والعوامل الفاعلة التي طرحها لمعالجة هذه المشكلة فالعدالة الاجتماعية تكمن من خلال تطبيق مبادئ التعايش السلمي في الدولة. وهي  من أهم الركائز الاساسية لتكوين العدالة الاجتماعية. فهي تتم عن طريق تحقيق المساواة بين الجنسين أو تحصيل حقوق الشعب أو المهجرين، ومن خلال توفير الفرص للإستفادة من التقديمات الطبية والتعليمية والإجتماعية، وهي تعني أيضاً فتح المجال أمامهم للعمل والإستثمار وتبوؤ الوظائف والمراكز في الإدارات والمؤسسات العامة والخاصة بحسب قدراتهم وكفاءاتهم، وتأمين المشاركة الحقيقية لأوسع الفئات الإجتماعية في وضع التشريعات والقوانين التي تنظم السياسات الإجتماعية والإقتصادية.

فالمساواة تتكلل عندما يتعزز وجود تكافؤ الفرص بين أبناء المجتمع الواحد ويساعد على تنمية المجتمع وتقوية العلاقات بين أفراده، ويقلل من النزاعات والخلافات التي تنتج عن الشعور بفقدان الحقوق الشرعية للأفراد وغياب العدالة والمساوة فيما بينهم. إن العمل على توفير فرص متكافئة بين الأفراد يساعد على الإبداع وعلى إبراز المواهب التي من شأنها أن تدفع المجتمع للأمام وأن تعمل على تقدمه وعلى تطويره، فمثلاً عند توفير فرصة عمل لمجموعة من الأشخاص ضمن ظروف عمل متكافئة ودون التمييز بين شخص وآخر ومن دون المفاضلة بينهم، فإن ذلك من شأنه أن يدفعهم للعمل بجد والتفكير بنطاق أوسع كي يميز نفسه عن الاخرين.

وبالتالي، فإن ذلك يزيد من إنتاجية العمل وبالتالي يزيد من تقدم المجتمع وذلك ينبع من إحساس الإنسان بوجود العدالة وبأن عمله سيتم تقديره بعيداً عن المحسوبية.

فالمعلم كمال جنبلاط ركز على قيمة الانسان وإلى القيم الإنسانية الخلقية والروحية  والاجتماعية، والمعنوية وبوصفها جوهر هذه الانسانية وخلاصة كنزها الدفين.  وكان يرى أن النظام هو في النهاية أداة ميتة ووسيلة جهاد جامدة لا يحيها سوى روح التعامل البشري من الداخل فإن الانسان لا يخطي بتطور وتفتح بدون المجتمع. فالإرادة المكونة بداخله تخلق المجتمع على الدوام  وتنميه، وتحييه للدفاع عن حريته.

فنحن نؤمن بأن العلم يجرد فينا الجهل وأن نكون ديمقراطيون لكي نبني مجتمع  إنسانياً على أساس الديمقراطية الحقة، لأنه كلما زادت ثقافة الفرد وتحرره الفكري كلما تخطى بنظريات واقعية إقتصاديا وعملية هذا الكم الهائل من الطبقية.

نحن نؤمن بأن ما قد بدأ به المعلم هي من أثر صرخة شعب عانى الكثير من الخلل في المعدلات الاجتماعية فنحن أبناء من قال أن العدالة الإجتماعية هي الغاية وليست الوسيلة.

(*) أمينة سر منظمة الشباب التقدمي في جامعة سيدة اللويزة

(أنباء الشباب، الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم لما حاطوم

الأول والسادس من أيار… لنا

سيدي الشهيد

ولد فينا من جديد

#الاصلاح_مش_نسبي