ماذا لو إتبعنا الاكتفاء الذاتي؟

سليم رضوان

أنباء الشباب

لا شك أن الحالة الإقتصادية في لبنان في تدهور، وما نشهده من بطالة وغلاء المعيشة إنما هو إنذار لما هو أعظم.

ما تشهده المنطقة من حروب وخاصة في سوريا التي ليس يعرف لنهايتها شكل، يزيد الوضع الإقتصادي والمعيشي سوءا.

وبما أن لبنان ليس له منفذ على العالم إلا من خلال سوريا والبحر، فإن خيارات الشحن البري هي ضئيلة وبما أن الشحن البحري مكلف ويستغرق وقتاً فإن التاجر اللبناني والمزارع أصبح في مهب الريح.

ولكن في ظل الحروب والنزاعات قامت عدد من الدول باتباع إستراتيجية الاكتفاء الذاتي وهي نظرية تعود إلى الفيلسوف اليوناني أرسطو الذي صاغ في كتابه “السياسة”، إذ قال بضرورة أن تكون المدينة المستقلة أقل ما يمكن اتساعاً على أن توفر لسكانها رفاهية كافية.

وعلى إمتداد القرن التاسع عشر ظهرت إتجاهات الاكتفاء الذاتي الإقتصادي القومي خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، ويمكن تلمس مثل هذه الاتجاهات في فرنسا وألمانيا.

وتبدو أهمية هذه السياسة في أوقات الحروب، حيث يتعذر إستيراد السلع من الخارج للصعوبات والمخاطر التي تكتنف عمليات الشحن عبر البحار، وفي حالة وجود طاقات معطلة يمكن الإفادة منها باستخدامها في إنتاج السلع المماثلة للسلع المستوردة، حتى ولو كانت أسعارها المحلية في مبدأ الأمر أكثر ارتفاعًا من أسعار نظائرها من السلع المستوردة، أو في حالة الدول المتخلفة التي تسعى للتصنيع بغية الإفادة من فائض السكان في القطاع الزراعي، وهو الفائض الذي يتعطل تعطلاً مقنعًا والذي يمكن سحبه من ميدان الزراعة إلى الصناعة دون أن يهبط الناتج الزراعي الكلي.

إن الاكتفاء الذاتي لا يعني بأي حال من الأحوال وقف أو قطع التبادل التجاري مع الدول الأخرى وإنما إعداد وتأمين شروط وظروف داخلية وطنية لتحقيق ربحية أعلى للتبادل الإقتصادي عبر قنوات تقسيم العمل الدولي وذلك رغبة منه في تنمية الإنتاج المحلي كميا ونوعيا.

بالتالي تحقيق مستوى إشباع نوعي وكمي أعلى لاحتياجات المواطنين الاستهلاكية والاستثمارية.

من جهة أخرى، يؤدي هذا الوضع الجديد إلى إرتفاع مستوى الرفاهية الإقتصادية والإجتماعية بشكل عام.

كل هذه التحولات لا تحدث تلقائيا ولا بد من بذل الجهود المكثفة والحثيثة من جميع الوحدات الإقتصادية، أفرادا ومؤسسات وعلى كافة المستويات، ضمن أجواء الديموقراطية والشفافية الاقتصادية، السياسية والاجتماعية.

على سبيل المثال، إنشاء محطة توليد للكهرباء بدلا من الاعتماد على إستئجار البواخر الذي لا يحل المشكل من أساسه بل يؤخر في تقدم البلد، ففي إنشاء المحطة تؤمن الكهرباء التي هي ضرورة من أجل تطوير الدولة وبالتالي هذه المحطة تعتبر إنجازا وتحصيل الكهرباء يعود بالمنفعة العامة عدا عن توظيف عدد من الشباب اللبناني لانتاج الكهرباء.

ويجب على الدولة البحث بشكل جدي على السبل المتاحة لاستغلال الأرض والطاقات البشرية من أجل رفع الناتج المحلي وتطوير الاقتصاد، من خلال وضع خطط خمسية وهي مجموعة إجراءات تضعها الحكومة لتنفَّذ في خمس سنوات، من أجل تطوير فروع الإقتصاد الوطنيّ، وتحسين البنى التحتيّة، وتنظيم جميع الأعمال التربويّة والنشاطات الثقافيّة والعلميّة التي تسهم بشكل فعّال في تطوير البلاد وتقدمها.

على سبيل المثال، دعم القطاع الزراعي من خلال تحسين الأراضي الزراعية من ري، وجرارات الية، واسمدة، ومهندسين زراعيين.

أما في القطاع الصناعي فيجب البحث عن إحتياجات السوق المحلي والخارجي والعمل على إنشاء المعامل والمصانع التي تؤمن هذه الإحتياجات وأيضا تساهم في توظيف الشباب الذين يرغبون في العمل في الوطن بدلا من السفر.

لذلك، نرى أن معظم الدول المتقدمة أو حتى الدول النامية قد إتبعت فكرة الاكتفاء الذاتي في سعيها من أجل إعتمادها على منتجاتها المحلية، بدلاً من المنتجات الأجنبية، في إشباع احتياجاتها الإستهلاكية من مختلف السلع والخدمات، مما ساهم في تخفيض نسبة البطالة ورفع الناتج المحلي وأيضا ساهم في إزدهار وتطور البلد.

(أنباء الشباب، الأنباء)