الدولة وحدها تحمي لبنان…

فيصل مرعي

في ظل الازمات الكبيرة، وفي ظل الاحداث، والمفاصل التاريخية، هنالك قادة كبار ، ينزعون دائماً الى التوافق، ولا تسويات عادلة دون تنازل، آخذين بعين الاعتبار مفهوم الالتقاء مع الشريك، والانفتاح على كل تيار سياسي، والقدرة على تحديد اهداف المرحلة، والانسجام معها، تِبعاً للظروف الذاتية والموضوعية، ومستندين الى قيم التضامن، والمساواة، والسلام، والتنوع، للولوج الى صوغ برنامج يدفع بالوطن باتجاه وحدة وطنية واجتماعية تحضن الوطن، وتبشر بأيام واعدة. ونعني بالوحدة، اكثر ما نعني؛ وحدة المصير، والتلاقي، وحدة المساكنة، والعيش المشترك، ووحدة المصلحة العامة. ففيما توقّغ اللبنانيون مفاجأة او مبادرة قد تبصر النور، باتجاه ملاقاة رواد السلام، درءاً للتصدع والفتنة التي كادت تتنامى وتتراكم بفعل تدهور الخطاب السياسي، لولا حكمة قادة عظام، اراحوا الناس من فتنة كادت “تغدو كيِّة في القلب، وهماً يطال الجميع”.

ولكن ثمة فريق، لا يرْعوي من الاستمرار في غيِّه وضلاله، متبنياً مواقف سياسية، لا تتلاءم وواقع البلد، وخصوصيته المميزة، على قاعدة امر العمليات الخارجية، في وقت كان المطلوب فيه الالتزام بالثوابت الوطنية، انطلاقاً من وثيقة الوفاق الوطني، التي اكدت على قانون انتخابي على اساس المحافظة… وصولاً الى ما اتفق عليه على طاولة الحوار، وتنفيذ القرارات الدولية، والالتاف حول مشروع الدولة التي لها الحق الحصري في اصدار القرارات، لا سيما المصيرية منها، والتي كادت تطيح بها قرارات معاكسة وتذهب بحلم الهدوء والاستقرار. فما بمقدور احد رعاية وحماية الجميع سوى الدولة، بما في ذلك المقاومة. فهي الرادع الوحيد، يوم تهب رياح هوج، ويوم توقد نار الفتن، وهي التي استطاعت بالتعاون مع حكماء وعقلاء ان تئِد الفتنة، وهي في المهد.

وها قد مرّت على اللبنانيين سنوات عجاف، فكانت عبرة لم يعتبر، وعظة لمن يتعظ، بأن لا بديل عن الدولة: سياسياً، واقتصادياً، ومشاريع، وتوزيع ثروات.. فهي المرجعية لاولى والاخيرة. فمن يتوهم ان الارتهان، والتبعية، والانفصال عن الوطن يساهم في تحصينه، هو خط بخطأ وكلام بكلام. فالدولة هي الحصن الحصين، والدرع الواقي سلماً وحرباً، بوجه كل انواع التحديات التي تعصف بالوطن. فمن يرغب التطلع الى خارج اطار الوطن، والنكوث بالعهود والمواثيق، فكأنما يقوم بمغامرة ما بعدها مغامرة، ومغامرة ستشوه صورة لبنان الحضاري، وستضرب في العمق سمته الفريدة. هناك قلق يساور الجميع، وشحوب يلف الوطن، وتراجع على كل المستويات، وهوة تأخذ بالاتساع.

لذا، نمد يدنا للجميع، لوقف هذا النزف المستمر حفاظاً على هذه الصيغة الفريدة، بتنوعها، وحريتها، وديمقراطيتها، ابعاداً لها الكابوس الذي يخيم فوقنا. ان التباين في الاراء والافكار، حق مشروع، وطبيعي على الا يصب في خانة الشحن  الطائفي، فنغرق في مستنقع المذهبية والاصولية، فتذهب جهودنا ونضالاتنا هدراً وضياعاً. فال مركزية الدولة، ولا مؤسسات خارجها. فما باستطاعة قوم، مهما عظم سلطانهم، وقوي جبروتهم ان يحلوا محل الدولة، او ان يكونوا رديفاً لها، مهما كانت امكانياتهم وقدراتهم. لقد حان الوقت، لتقوية الدولة والركون اليها.

اما متى ينخرط شركاؤنا في الدولة ويلتفون حولها، فهذا امر نأمل ان يكون في القريب العاجل. فما من شيء بالتحامل، بل بالحوار للوصول الى قواسم مشتركة على قاعدة القضية والمصير.

فالكل يريد ان ينعم الوطن بالاستقرار والهدوء، في ظل دولة قوية. فالدولة تُمثل صحوة العقل والضمير، ومنطق الحق والوفاق. فما من نظريات بعد اليوم، تضرب بالدستور عرض الحائط، وتلعن الدولة، وتقدس الانظمة الشمولية وتسيء للبلاد والعباد. فلنحتكم جميعاً الى الدولة، لان الدولة وحدها تحتضن ابناءها، وتحمي الجميع.

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

حلم راود اللبنانيين .. (وأي حلم؟!)